عودة العقوبات تبدد مكاسب إيران النفطية منذ 2015

تاريخ النشر: 03 مايو 2018 - 06:54 GMT
الريال الإيراني
الريال الإيراني

توقع لـ "الاقتصادية"، محللون نفطيون أن تؤدي عودة العقوبات الاقتصادية إلى تبديد مكاسب إيران النفطية التي حققتها منذ 2015، مضيفين أن "تلك العودة الوشيكة تهدد صادرات الخام الإيراني وتؤثر في إيرادات الاقتصاد الإيراني المتعثر أصلا".

وأوضح لـ "الاقتصادية"، جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، إن الملف الإيراني بالفعل هو قضية الساعة في سوق النفط العالمية خاصة أن السياسات الأمريكية تجاه طهران تتسم بالصرامة الشديدة وهو ما ينبئ بعودة العقوبات الاقتصادية وإلغاء اتفاق عام 2015 مع القوى الدولية.

وتوقع جيراس أنه سيترتب على عودة العقوبات الاقتصادية تبديد كل المكاسب التى حققتها إيران في الصادرات النفطية منذ رفع العقوبات وهو ما يقدره البعض بتراجع بأكثر من مليون برميل يوميا وهو ما يعني بدوره مزيدا من التشديد في السوق وتفاقم الضغوط على المعروض النفطي في ضوء تخفيضات المنتجين إلى جانب وجود أزمات إنتاجية موازية في كل من فنزويلا وأنجولا.

وأوضح لـ "الاقتصادية"، رينهولد جوتير مدير قطاع النفط والغاز في شركة "سيمنس" العالمية، أن ارتفاع أسعار النفط متواصلا على مدى عدة شهور جعل عديدا من شركات الطاقة الدولية تعلن عن قفزة واسعة في الأرباح في الربع الأول، مشيرا إلى أن هذه الأرباح لم تغرِ الشركات بالتخلي عن سياسات ضبط الكفاءة وضغط تكاليف الإنتاج وذلك تحسبا لتكرار أزمة تهاوي الأسعار كما حدث في عام 2014.

ونوه جوتير بأن شركات الطاقة الدولية استوعبت الدرس جيدا وهي تأخذ أقصى درجات الحيطة من تقلبات سوق النفط، مشيرا إلى أن شركات عملاقة أعلنت تمسكها ببرامج خفض تكلفة الإنتاج في عديد من المشروعات عالية التكلفة مثل مشروعات الإنتاج من المياه العميقة التي نجحت الشركات في خفض تكلفة إنتاج البرميل فيها إلى 40 دولارا وتسعى إلى مواصلة الخفض إلى 35 دولارا للبرميل.

من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن الاقتصاد العالمي يحقق معدلات نمو جيدة وما زال قادرا على استيعاب أسعار النفط الخام المرتفعة، لكن مزيدا من الارتفاعات قد تكون له انعكاسات سلبية على الطلب ونأمل أن نتفادى وقوع أزمات عالمية جديدة وألا يتم تكرار سيناريو 2008 مرة أخرى.

ولفت هوبر إلى تمسك المنتجين في "أوبك" وحلفائها بالاستمرار في تضييق المعروض وفي المقابل نجد المنتجين الأمريكيين يحاولون استثمار هذا المناخ من خلال الإنتاج بالطاقات القصوى من أجل ملء هذا الفراغ، ورغم ذلك فإن هناك مخاوف في السوق من تفوق الطلب على العرض واستمرار اشتعال الأسعار.

إلى ذلك، أكد تقرير "ذا إنرجي كولكتيف" الدولي أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد توجه كل الأنظار في سوق النفط إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لمعرفة قرارها النهائي بشأن مصير الصفقة النووية الدولية الإيرانية التي تشير التوقعات إلى عودة العقوبات الاقتصادية على إيران في 12 أيار (مايو) المقبل.

وقال التقرير الدولي "إن عودة العقوبات ستؤدي إلى تفاقم التشديد في السوق في إطار تقلص المعروض النفطي الذي يجيء بالتزامن مع تسجيل المنتجين في "أوبك" وخارجها معدل امتثال قوي يقيد بسرعة المعروض في سوق النفط، مشيرا إلى أنه على الأرجح أيضا أن المخزونات النفطية العالمية باتت قريبة جدا من متوسطها في خمس سنوات.

وأوضح التقرير أن منظمة أوبك ستقوم في حزيران (يونيو) المقبل بتقييم جديد لحالة العرض والطلب وستحقق مزيدا من الإنجازات واكتمال أهدافها مع نهاية العام الجاري وهو المدى الحالي للعمل باتفاق خفض الإنتاج.

ولفت التقرير إلى بعض القراءات الخاطئة للسوق التي طرحت أخيرا ومنها أن النفط الصخري الزيتي الأمريكي سينمو بسرعة كبيرة بحيث إنه لن يعوض فقط تخفيضات "أوبك" لكنه قد يعيد السوق إلى حالة فائض الإمدادات، ما يدفع أسعار النفط إلى الهبوط.

ويرى التقرير أن هذه القراءات والتقديرات تبدلت أخيرا خاصة في الأسابيع القليلة الماضية حيث يعتقد عدد متزايد من المحللين أن نمو النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة ضروري لمنع حدوث نقص حاد في الإمدادات ومن ثم ارتفاع واسع في الأسعار، مشيرا إلى بيانات صادرة عن "كومرتس بنك" تؤكد أن هناك حاجة إلى زيادة إنتاج النفط الأمريكي لسد فجوة العرض.

وبحسب التقرير فإن المخاوف ليست حاليا من نمو الإنتاج الأمريكي بل من احتمال أن يكون أداء النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة ضعيفًا بسبب تصاعد المخاوف من الاختناقات المحتملة في الحقل البرمي، التي يمكن أن تبطئ النمو.

ولفت التقرير إلى أنه من المؤكد أنه لا يزال من المبكر للغاية معرفة ما إذا كانت أعمال الحفر في إنتاج النفط الصخري الزيتي ستواجه بعض القيود على الإنتاج، لافتا إلى حدوث تخفيضات حادة في إنتاج النفط في تكساس بسبب حقيقة وقوع اختناقات في خط الأنابيب.

وشدد التقرير على أن تباطؤ نمو النفط الصخري الزيتي الأمريكي قد يحدث بوتيرة أكبر وبقياس أكبر من معظم التوقعات مرجحا في هذه الحالة أن أسعار النفط ستتحرك إلى أعلى بوتيرة قياسية.

من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس متخلية عن مكاسبها في وقت سابق من الجلسة بعد مؤشرات على مزيد من إمدادات الخام الصخري الأمريكية وزيادة في الصادرات الإيرانية قبل تجديد محتمل للعقوبات الأمريكية على طهران.

وبحسب "رويترز"، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم تموز (يوليو) 16 سنتا إلى 72.97 دولار للبرميل بعدما انخفضت نحو 3 في المائة الثلاثاء إلى أدنى مستوى في أسبوعين.

وصعد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 18 سنتا إلى 67.43 دولار للبرميل لكنه نزل عن أعلى مستوى خلال الجلسة 67.85 دولار للبرميل.

واستعادت إيران، عضو "أوبك"، بعض صادراتها للنفط في كانون الثاني (يناير) 2016 بعد رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على طهران مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.

غير أن الولايات المتحدة عبرت عن شكوكها بشأن جدية إيران في تطبيق القيود على برنامجها النووي ويهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإعادة فرض العقوبات.

وقالت وزارة النفط الإيرانية "إن صادرات النفط بلغت 2.6 مليون برميل يوميا في نيسان (أبريل) وهو رقم قياسي مرتفع منذ رفع العقوبات"، واشترت الصين والهند أكثر من نصف هذه الكمية.

وبحسب مراقبين، فإن عوامل أخرى تمنع أسعار الخام من الارتفاع بدرجة أكبر مثل صعود الدولار منذ منتصف نيسان (أبريل) وزيادة مخزونات النفط الأمريكية.

وارتفعت مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة 3.4 مليون برميل إلى نحو 432.5 مليون برميل الأسبوع الماضي بينما كانت توقعات المحللين تشير إلى ارتفاع قدره 739 ألف برميل، بحسب معهد البترول الأمريكي.

وأشارت بيانات المعهد إلى أن استهلاك مصافي التكرير من الخام تراجع 128 ألف برميل يوميا، وزادت مخزونات البنزين 1.6 مليون برميل بينما كان محللون قد توقعوا انخفاضا قدره 587 ألف برميل.

من جهة أخرى، تتلقى الأسعار دعما من الطلب الصيني الذي زاد 6.5 في المائة على أساس سنوي في آذار (مارس) ليبلغ مستوى قياسيا عند 11.86 مليون برميل يوميا وفقا لما أظهرته حسابات "رويترز" من واقع بيانات رسمية نُشرت الأسبوع الماضي.

وزاد الطلب على النفط بأسرع وتيرة منذ أيار (مايو) من العام الماضي، وتأتي قوة الطلب في ظل ارتفاع واردات الخام قرب مستوى قياسي وقوة وتيرة معالجة النفط وإن كان انخفاض استهلاك الديزل والبنزين يعزز المخاوف بشأن نمو تخمة المنتجات النفطية المكررة في الصين.

وانخفض الطلب على البنزين 2.1 في المائة في آذار (مارس) إلى 2.78 مليون برميل يوميا في حين انخفض الطلب على الديزل 3.4 في المائة مقارنة بمستواه قبل عام.

وتحسب "رويترز" الطلب الضمني على النفط لشهر معين عبر إضافة صافي الوردات من المنتجات النفطية الرئيسية، التي تعلنها إدارة الجمارك الصينية شهريا، إلى كمية النفط المكرر محليا التي يعلنها مكتب الإحصاءات الوطني دون أن تأخذ في الحسبان تغييرات المخزون.

ولم يقدم مكتب الإحصاءات الصيني بيانات منفصلة لإنتاج كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، وتراجعت مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، بمقدار 4.1 مليون برميل بينما كان من المتوقع أن تنخفض 1.4 مليون برميل.

 

اقرأ أيضًا: 

النقد الدولي: اقتصاد إيران بدأ التعافي بسرعة أكبر من سنوات العقوبات الدولية

الاقتصاد الإيراني على حافة الهاوية.. ركود وبطالة وتنامي تهريب الأموال!

هل اقتصاد إيران في 2017 مرهون بقيمة الريال؟