قالت شركة رويال داتش شل "إن الطلب على النفط الخام سينمو على نحو واسع على المدى الطويل"، مرجعة ذلك إلى تأثيرات النمو السكاني المتزايد وارتفاع مستويات المعيشة، وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان الذين يتنامى عددهم في المناطق الحضرية.
وأكدت "شل" في تقرير حديث – أعده بن فان بيردن المدير التنفيذي للشركة – أن إمدادات النفط والغاز من الموارد التي يعتمد عليها العالم تتقلص على نحو سريع، ولذلك فإن العالم سيحتاج إلى استثمارات كبيرة ومستمرة في مشاريع جديدة للنفط والغاز لمواكبة نمو الطلب.
وأشارت "شل" إلى أن استثمارات النفط والغاز ستظل تنمو بقوة رغم الصعاب الحالية والنمو الهائل والمتسارع في الاعتماد على موارد الطاقة المتجددة التي لن تعطل الحاجة إليها الحاجة إلى مزيد من الإنتاج، لأن كل موارد الطاقة مطلوبة لتلبية أغراض التنمية الواسعة في مختلف دول العالم.
ونبهت "شل" إلى ضرورة أن تتحول الشركات النفطية إلى شركات متكاملة للطاقة لتكون أكثر قدرة على مواجهة صعوبات السوق، مشيرة إلى أنها مهتمة منذ وقت مبكر بأن تصبح شركة طاقة متكاملة وركزت في هذا الإطار على تطوير أعمال التكرير والتسويق بشكل جيد.
وأضاف التقرير أن "ما حققته "شل" من أرباح التكرير ساعدها كثيرا على التغلب على الصعوبات الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، كما أن تنوع أنشطتها ساعدها أيضاً على أن تكون شركة متكاملة للطاقة وأكثر صلابة في مواجهة أزمات السوق".
وأوضح التقرير أن "شل" سعت جديا وبنجاح إلى زيادة الكفاءة وخفض التكاليف سواء في مشاريع المنبع أو المصب على السواء ما خفف كثيرا من أعباء العام الماضي التي كانت سنة صعبة للغاية على القطاع النفطي، مع تهاوي الأسعار 70 في المائة عن المستويات التي كانت عليها في أوائل 2014.
وبحسب التقرير فإن "شل" تحدت الظروف الصعبة للسوق وواصلت أعمال التنقيب والإنتاج المخطط لها رغم صعوبة بعض المشاريع وارتفاع تكلفتها، وأبرز قراراتها في هذا الصدد هو المضي قدما في مشروع إنتاج واستخراج النفط من المياه العميقة في منطقة أبوماتوكس في خليج المكسيك.
وتركز "شل" على تطوير السياسات التجارية بشكل قوي من أجل التعامل بشكل جيد مع بيئة أسعار النفط المنخفضة ومواجهة التحديات الخاصة بالحفاظ على التنافسية من خلال خفض تكاليف الإنفاقين الرأسمالي والتشغيلي.
وأضاف التقرير أن "نشاط الشركة متعددة الجنسيات في المناطق عالية التكلفة لم يقتصر على خليج المكسيك إنما امتد إلى مواصلة الإنتاج في المرحلة الثالثة من مشروع إنتاج النفط من المياه العميقة في منطقة بونجا قبالة سواحل نيجيريا"، مشيراً إلى أن هذه المنطقة واعدة ورئيسة في إنتاج الخام خلال الفترة المقبلة.
وذكر التقرير أن الاستثمارات النفطية الجديدة للشركة ما زالت تقاوم ظروف السوق وتصر على التوسع لتأمين الإمدادات وهو ما جعل "شل" تمضي قدما في إنشاء مصفاة رئيسية عملاقة في هولندا إلى جانب مصنع جديد للبتروكيماويات في الولايات المتحدة الأمريكية.
ونوه التقرير إلى أهمية صفقة استحواذ "شل" على مجموعة "بي. جي" البريطانية مقابل 47 مليار جنيه استرليني "70 مليار دولار" التي أعلن عنها العام الماضي حيث تعتبر إحدى الصفقات التاريخية كما تعد بالفعل أول عملية اندماج عملاقة في قطاع النفط خلال عشر سنوات.
ورأى التقرير أن عملية الدمج مع "بي جي" من المقرر أن تنتهي خلال العام الجاري، متوقعا أن تسهم هذه الصفقة في تعزيز التدفقات المالية والنقدية للشركة، كما تسهم في إيجاد كيان جديد ورائد في صناعة الغاز الطبيعي المسال "إل إن جي" وتطوير جهود الإنتاج والتنقيب من المياه العميقة وتزيد تنافسية "شل" وموقعها بين شركات النفط العالمية، وجعلها أكثر كفاءة وربحية.
وأوضح التقرير أن "شل" واجهت تحديات أخرى بجانب الانخفاضات السعرية، ومنها ما يتعلق بالسلامة، حيث تعرضت بعض المنشآت التابعة لـ "شل" لحرائق مدمرة في سنغافورة ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية واسعة ما جعل الشركة تتبنى سياسات أكثر تطورا تركز على تطوير نظم السلامة والأمن وزيادة الاحتياطات والحذر للحفاظ على الاستثمارات وتطوير الكفاءة وضمان السلامة.
وقال التقرير "إن عديدا من الشركات النفطية اتخذت إجراءات وتدابير صعبة وقاسية حيث لجأت إلى إجراء تخفيضات هائلة في تكاليف الإنتاج وشطب الوظائف"، مشيرا إلى أن "شل" ليست بعيدة عن هذا التوجه حيث اتخذت بالفعل خطوات كثيرة في هذا الصدد عبر خفض النفقات الرأسمالية، وتكاليف التشغيل، وإعادة تقييم المشاريع ووقف بعضها الذي ثبت بالدراسات والتحليلات عدم قدرتها على تحمل تحديات المنافسة.
ويرى التقرير أن القوة المالية للشركة قبل الأزمة ساعدتها كثيرا على مواجهة ظروف السوق الصعبة خلال 2015 فقد ركزت اهتمامها الرئيسي على التواؤم مع إمكانيات أقل خلال هذه الفترة من انخفاض أسعار الطاقة.
وكشف التقرير أنه تم تخفيض التكاليف التشغيلية والإنفاق الرأسمالي بنحو 11 مليار دولار خلال عام 2015 مقارنة بالعام السابق الذي شهد في نصفه الثاني بداية الانهيار الحاد في الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن التحدي الأكبر لكل الشركات النفطية في الظروف الراهنة هو الحفاظ على القدرة التنافسية العالية، موضحا أن "شل" عملت بجد لخفض التكاليف، وكثفت الجهد من أجل جعل عملياتها أكثر قدرة على المنافسة، منوها بأنه في بعض الحالات كان على الشركة أن تقرر الخروج من صفقات من أجل الحفاظ على وضع أفضل للاستثمار في بعض المناطق. وأضاف أن "جهود الشركات النفطية الدولية تركز في تلك المرحلة ليس فقط على خفض الإنفاق بل أيضا على الاستثمارات بشكل حكيم ومدروس وتنويع المحفظة الاستثمارية والحفاظ على البقاء في المنافسة".
وحول توقف الإنتاج في ساحل ألاسكا الأمريكى خاصة نشاط شركة شل، قال التقرير "إن حجم الاستكشافات كان محدودا ومخيبا للآمال ومثل مفاجأة قاسية للصناعة"، معتبراً قرار التخلي عن الاستثمار في ولاية ألاسكا بعد سبع سنوات من العمل ومليارات الدولارات من الاستثمارات كان قرارا صعبا وموجعا.
اقرأ أيضاً:
شركة “رويال داتش شل” تخفض استثماراتها 15 مليار دولار خلال 3 اعوام