حذر جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني أمس من مغبة فقدان بلاده نصف مليون وظيفة على الأقل في غضون عامين من الاقتراع على الخروج من الاتحاد الأوروبي وأن انخفاض قيمة الاسترليني سيرفع معدل التضخم بشكل حاد.
وقبل شهر من الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قال الوزير "إن دخل العمال سينخفض نحو 3 في المائة في غضون عامين بعد حساب تأثير التضخم توازي 800 جنيه استرليني تقريبا من متوسط أجر من يعمل في وظيفة دائمة".
وبحسب "رويترز" فقد حذرت وزارة الخزانة البريطانية من انكماش قد يضرب المملكة المتحدة إذا خرجت من الاتحاد الأوروبي في إعلان جديد يعزز موقف رئيس الحكومة ديفيد كاميرون ويثير غضب المدافعين عن الانسحاب من التكتل.
وبعد تحذيرها قبل شهر من "صدمة اقتصادية عنيفة" سيتسبب فيها على الأمد الطويل الخروج من الاتحاد الأوروبي، نشرت وزارة الخزانة معطيات مثيرة للقلق حول تأثير هذه الخطوة في الأمد القصير، قبل شهر من استفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد في 23 حزيران (يونيو) المقبل.
وقالت "إن الاقتصاد البريطاني سيشهد انكماشا لسنة"، مشيرة إلى أن المملكة المتحدة ستظهر فجأة وكأنها أقل انفتاحا على التجارة والاستثمار، وستعاني تأثير الشكوك في نشاط الشركات وتقلبات قوية في أسواق المال".
وقال مختصو الوزارة "إن إجمالي الناتج الداخلي للبلاد سيكون خلال سنتين أقل بـ 3.6 في المائة مما كان سيسجله إذا جرى التصويت لمصلحة البقاء في الاتحاد، وحتى أقل بـ 6 في المائة في إطار سيناريو أكثر تشاؤما".
وصرح وزير المالية جورج أوزبورن في رد فعل فوري بأن "البريطانيين بذلوا جهودا شاقة لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح.. هل تريد بلادنا العودة إلى الانكماش بسبب خطأ تقترفه بنفسها".
وعلى غرار كاميرون، يدافع أوزبورن عن بقاء بريطانيا في الاتحاد لكن معسكر المحافظين منقسم جدا في هذا الشأن.
وذكر وزير المالية بأن المملكة المتحدة شهدت قبل ثماني سنوات "أخطر انكماش منذ الحرب العالمية الثانية" بسبب الأزمة المالية الدولية، قبل أن يستأنف النمو ليبلغ في السنتين الأخيرتين وتيرة أعلى من معظم الدول الغنية في مجموعة السبع.
وإعلان وزارة الخزانة يعد الأخير في سلسلة تحذيرات حول العواقب الاقتصادية للخروج من الاتحاد أطلقتها في الأسابيع الأخيرة مؤسسات رسمية عدة مثل بنك إنجلترا ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وصندوق النقد الدولي وحتى وزراء مال مجموعة السبع السبت الماضي.
وهو يشكل دعما لموقف كاميرون لكنه زاد من غضب أنصار الخروج من الاتحاد في مواجهة ما يعتبرونه مؤامرة "للاتباع" البريطانيين للمفوضية الأوروبية والطبقة الحاكمة في العالم.
ودان ايان دانكان سميث وزير العمل الذي استقال من منصبه في آذار (مارس) الماضي دراسة وزارة الخزانة معتبرها "غير نزيهة وموجهة بشكل واضح ويجب ألا تؤخذ على محمل الجد".
وقال "في الواقع نحن ندفع 350 مليون جنيه "450 مليون يورو" أسبوعيا إلى الاتحاد الأوروبي. اذا صوتنا مع الرحيل فيمكننا وضع يدنا على هذه الأموال واستخدامها هنا في المملكة المتحدة".
ويرى محللون أن دانكان سميث يذكر رقما لا يأخذ في الاعتبار الاستثناء الممنوح للندن من قبل المفوضية، مشيرين إلى أن 280 مليون جنيه تدفع أسبوعيا إلى ميزانية الاتحاد.
وأضاف دانكان سميث "سنستعيد أيضا التحكم في اقتصادنا عبر إحداث مئات الوظائف وإبرام اتفاقات للتبادل الحر مع دول العالم التي تشهد نموا كبيرا".
أما رئيس بلدية لندن السابق بوريس جونسون الشخصية الأبرز بين دعاة الخروج من الاتحاد، فقد سخر في مقال في صحيفة ديلي تلجراف من "معسكر الخوف" ورسم صورة مثالية لمملكة متحدة حرة ومزدهرة بعد خروجها من الاتحاد.
وكتب الرجل الذي يطمح إلى رئاسة الحكومة أن "الأسواق بدت هادئة والجنيه لم يهبط والحكومة البريطانية أطلقت حملة فعالة وشعبية في القارة للتوضيح أن الأمر لا يعني رفضا لأوروبا بل لمؤسسات فوق المصلحة الوطنية".
وتابع "أقيمت علاقة جديدة "مع المفوضية الأوروبية" بسرعة تستند إلى التبادل الحر والزعامة البريطانية التقليدية في مجال السياسة الخارجية".
إلى ذلك حذرت أهم شخصيتين سياسيتين في بريطانيا اليوم أمس من أن التصويت لمصلحة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي قد يدفع البلاد إلى ركود اقتصادي يستمر لمدة عام ويؤدي إلى خسارة نصف مليون فرصة عمل على الأقل.
ومع اقتراب بريطانيا من اتخاذ أهم قرار استراتيجي منذ عقود خلال استفتاء مقرر يوم 23 حزيران (يونيو) وجه رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ووزير المالية جورج أوزبورن مجموعة جديدة من التحذيرات عن الأضرار الناجمة عن التصويت لمصلحة ترك الاتحاد التي تراوح بين تراجع قيمة المساكن وزيادة تكاليف قضاء العطلات في الخارج.
وقال كاميرون "سيكون ركودا صنعناه بأنفسنا" وأضاف أن "ترك الاتحاد الأوروبي خطوة تهدد الجهود التي بذلتها البلاد للانتعاش بعد الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية".
وأضاف "سيكون مثل النجاة من السقوط ثم الركض بسرعة مرة أخرى إلى حافة الهاوية. إنه خيار تدمير الذات".
وأظهرت أحدث استطلاعات للرأي ميل الناخبين إلى البقاء داخل الاتحاد لكن مختصي قياس الرأي العام يقولون "إن النتائج ما زالت متقاربة جدا".
وأظهرت بعض الاستطلاعات كذلك أن الاقتصاد تتزايد أهميته باعتباره مسألة تحسم آراء الناخبين وهو ما حاول معسكر المطالبين بالخروج مواجهته بالتأكيد على أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يحد من مستويات تدفق اللاجئين المرتفعة.
وأفاد تحليل جديد عن المخاطر قصيرة الأجل للاستفتاء نشرته وزارة المالية أن الاقتصاد سيتقلص حجمه بنسبة 6 في المائة بعد عامين في حال التصويت على الخروج من الاتحاد بالمقارنة بحجمه إذا تم التصويت لمصلحة البقاء.
وقال أوزبورن "إن بريطانيا ستفقد نصف مليون فرصة عمل خلال عامين من التصويت على ترك الاتحاد وستشهد تراجعا في قيمة الجنيه الاسترليني ما يزيد التضخم بدرجة كبيرة".
وقالت الحملة المطالبة بخروج بريطانيا من الاتحاد "إن وزارة المالية تصدر تقارير مغلوطة والتحليل الأخير لم يورد شيئا عن العوامل الإيجابية لترك الاتحاد أو العوامل السلبية المحتملة الناجمة عن حدوث أزمة في منطقة اليورو".
اقرأ أيضاً: