بدأت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين بعد الهجوم الذي تعرضت له سفينة الحرية المتوجهة إلى غزة عام 2010 من قبل القوات الإسرائلية, والذي أدى إلى قتل 9 مواطنين اتراك. بعد ذلك تم العمل على احتواء الأزمة بالموافقة على أن تجري الأمم المتحدة تحقيقاً بالحادث، إلا أن التحقيق ما لبث أن سرب إلى جريدة "نيو يورك تايمز" الأمريكية الذي أحبط أخر محاولة لرأب الصدع بين الجانبين. التسريب دفع بتركيا إلى إعلان مجموعة من الإجراءت ضد إسرائيل من ضمنها طرد السفير الإسرائيلي وتخفيض التعاون الدبلوماسي وتعليق الإتفاقات الثنائية بين البلدين.
وادى ذلك الى زعزة الروابط الاقتصادية بين أنقرة و تل أبيب, بعد ان ضعفت الثقة بين المستثمرين الأتراك و المستثمرين الاسرائيلين بعد هذه الحادثة, حيث قال وزير التجارة الخارجية التركي : " أن تخفيض مستوى العلاقات التجارية مع إسرائيل قد يكون من بين خيارات الرد التركي على الاعتداء الإسرائيلي الدموي على أسطول الحرية, وسوف ينجم عنه خفض حجم التبادل التجاري مهما كان حجم هذا التبادل عالياً بسبب فداحة الفعل الإسرائيلي." ظافر جاغلايان.
غير أن الخشية في إسرائيل تركز أيضاً على الجانب الاقتصادي في خسارة تركيا كحليف وقد أشارت النشرة الاقتصادية لصحيفة ( معاريف ) الإسرائيلية إلى احتمال خسارة التجارة بين الدولتين سنوياً 2.5 مليار دولار , حيث أعرب رئيس اتحاد الصناعيين الاسرائيلين " شيرغا بروش" عن قلقه من الضرر الذي سوف يقع على العلاقات مع تركيا التي تعتبر شريكاً تجارياً مهماً .
أما من الناحية العسكرية فلهذه الازمة تأثير واضح على الصفقات الأمنية التي عقدتها اسرائيل مع تركيا, بما في ذلك تزويد سلاح الجو التركي بمنظومات استخبارية متقدمة لمقاتلات من طراز ( اف 16 ) بصفقة يقدر ثمنها 140 مليون دولار أمريكي , و إن تداعيات الخسائر الإسرائيلية لن تقتصر على المجال السياسي والدبلوماسي فقط, بل ستنتقل إلى شركات المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي المرتبط بالمجمع العسكري الصناعي الأمريكي .
وقال تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية : " إن الحكومة الإسرائيلية الآن قلقة على وضع الاستثمارات في تركيا بعد التوتر في العلاقات بين البلدين " كما كشفت الصحيفة إن الشركة الاسرائيلية " هالمن ألدبي" قامت بتصفية أعمالها في تركيا فور توتر العلاقات , حيث رجح مسئولون إسرائيليون أن تلقي أزمة أسطول الحرية بظلالها على العلاقات بين الجانبين التركي و الإسرائيلي , وأنها قد تعطل قناة تجارية قيمتها 3 مليارات دولار .
يذكر أن المؤشر العام لبورصة تل أبيب المالية تراجع بنسبة 2.79% امس الثلاثاء عقب اعلان رئيس الحكومة التركية، رجب طيب اردوغان، ان بلاده "ستعلق تماما" علاقاتها مع إسرائيل فيما يتصل بالصناعات الدفاعية بعد أن خفضت العلاقات الدبلوماسية معها في أعقاب رفض اسرائيل تقديم اعتذارات عن قتل تسعة اتراك خلال مهاجمتها سفينة تركية كانت متوجهة ضمن اسطول انساني الى غزة. لكن المؤشر عاود الارتفاع صباح اليوم الاربعاء مما يشير الى ان تأثير الأزمة على البورصة كان قصير الأمد.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسة الان ماذا سوف تخسر اسرائيل نتيجة تأزم علاقتها مع تركيا ؟ سوف تخسر الكثير من الاتفاقيات التجارية والعسكرية ، وكذلك سوف تخسر الدور التركي المهم والمتنامي في المنطقة, حيث برزت أهمية الدور التركي في الشرق الأوسط ازدادت يشكل واضح ، خاصة بعد سقوط مبارك وبن علي والقذافي، وهي معروفة بأنها تضطلع بمهام وساطة في المنطقة بين كافة الدول، ومنها إسرائيل، التي ستحرم الآن من هذه الميزة بعد تأزم علاقاتها مع تركيا .
المصدر: موقع "نقودي.كوم"