«أوبك»: لا توجد ذروة إنتاج للنفط .. والعالم لديه ما يكفي لتلبية الطلب على الطاقة

تاريخ النشر: 23 فبراير 2015 - 05:00 GMT
توقع مختصون نفطيون حدوث مزيد من عمليات التراجع في أعداد الحفارات النفطية خلال الأسابيع المقبلة وأكدوا أن هذا التراجع سينعكس إيجاباً على أسعار الخام وسيمثل دعما كبيرا للسوق
توقع مختصون نفطيون حدوث مزيد من عمليات التراجع في أعداد الحفارات النفطية خلال الأسابيع المقبلة وأكدوا أن هذا التراجع سينعكس إيجاباً على أسعار الخام وسيمثل دعما كبيرا للسوق

قالت لـ "الاقتصادية" مصادر في منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» ، "إن العالم لديه ما يكفي من الموارد لتلبية الطلب المتوقع على الطاقة خلال السنوات المقبلة"، مشيرة إلى أن استمرار التطورات التكنولوجية يساعد الصناعة على زيادة تقديرات كمية النفط والغاز التي يمكن العثور عليها، واستخراجها كما يساعد على توسيع نطاق عملها في مواقع أقسى وأكثر نائية في المناطق الحدودية وهو ما يسمى بالنفط المستحيل الذي أصبح اليوم ممكنا.

وأشارت المصادر إلى أن هناك كثيرا من الموارد المتاحة على حد سواء التقليدية وغير التقليدية لتلبية الطلب المتزايد على النفط في المستقبل، وأنه لا يوجد بالفعل وعمليا ما يسمى ذروة إنتاج النفط إلا بالنسبة لبعض الموارد غير المتجددة.

وأوضحت أن تطورات الإمدادات من خارج "أوبك" كانت عنصرا مركزيا في تغيير خريطة الطاقة والرؤية المستقبلية لاستغلالها خاصة الولايات المتحدة، مضيفة أن "تطور الإمدادات رغم أنه كان السبب الرئيس في التراجع الحاد للأسعار إلا أنه أضاف العمق والتنوع للمعروض العالمي"، مؤكدة ضرورة تعاون الجميع من أجل استقرار السوق والحفاظ على هذه الثروة الطبيعية وهو ما يعد تأكيدا على أن العالم لا ينفد من النفط.

وتوقع مختصون نفطيون حدوث مزيد من عمليات التراجع في أعداد الحفارات النفطية خلال الأسابيع المقبلة وأكدوا أن هذا التراجع سينعكس إيجاباً على أسعار الخام وسيمثل دعما كبيرا للسوق.

ويقول لـ "الاقتصادية"، رالف فالتمان المختص النفطي من مؤسسة أكسبرو الأمريكية، "إن السوق ما زالت متأرجحة بفعل تداخل عديد من العوامل المؤثرة فيها، ولكنها أفضل من الفترة السابقة وتتجه نحو استعادة التوازن"، مشيرا إلى أن الارتفاع القياسي لمخزونات النفط في الولايات المتحدة الأمريكية وهى أكبر مستهلك للنفط في العالم من أكثر العوامل تأثيرا في السوق في الفترة الراهنة وقد دفع هذا الأمر إلى الانخفاض النسبي بينما تدفع عوامل أخرى السوق إلى الصعود أبرزها تقلص الحفارات النفطية.

وأشار فالتمان إلى أن زيادة المخزونات كانت قياسية وبحسب تقرير معهد البترول الأمريكي نجد أن مخزونات النفط في الولايات المتحدة سجلت قفزة بلغت 14.3 مليون برميل الأسبوع الماضي ليصل إجمالي المخزونات 427.9 مليون برميل الأعلى تاريخيا منذ تجميع البيانات الأسبوعية لمعهد البترول.

وأوضح فالتمان أن تراجع الحفارات النفطية يعنى اتجاه العرض الوفير إلى الانكماش وهو ما سيترجم إلى انتعاش الأسعار بعد فترة طويلة من الانحدارات السعرية التي تسببت فيها عوامل عدة منها وصول إنتاج الولايات المتحدة لأعلى مستوياته في ثلاثة عقود، ما أدى إلى وفرة في الإمدادات العالمية وكذلك تمسك "أوبك" بالحفاظ على الحصص السوقية ورفض خفض الإنتاج إلى جانب تنامي المخاوف بشأن ضعف الطلب العالمي وصدور مؤشرات اقتصادية ضعيفة فى عديد من الدول المستهلكة الرئيسية مثل الصين واليابان.

من جانبه أوضح لـ "الاقتصادية"، كريستيان شنبور مختص الطاقة أن ارتفاع المخزونات النفطية كما حدث في الأيام الماضية عادة ما يؤدي إلى تراجع الأسعار، إلا أن أسعار الخام اتجهت للارتفاع بعدما حصلت على بعض الدعم من تراجع عدد حفارات النفط العاملة في الولايات المتحدة.

وأضاف شنبور أن "تقلص الاستثمارات وتراجع الحفارات يمثل رسالة للسوق تزيد المخاوف من هبوط الإمدادات مستقبلا وهو ما يعني أن حالة تخمة العرض في طريقها للزوال وأن الفجوة بين العرض والطلب ستضيق وبالتالي سيحافظ الخام على ارتفاعاته السعرية ويعوض الخسائر السابقة".

وأشار شنبور إلى أن الطلب أيضا يتجه إلى التحسن في ضوء تراجع مشكلة الركود في الصين واليابان وسعى الاتحاد الأوروبي لحل جذري للأزمة الاقتصادية في اليونان.

وقال شنبور إلى أن الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانيا يضغط على أثينا من أجل التعهد بالحفاظ على التوازن المالي لفترة ستة أشهر، وذلك لإعطائها الوقت للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن النمو خلال السنوات الأربع المقبلة مع شركائها في منطقة اليورو.

ومن جهته، ذكر لـ "الاقتصادية"، أحمد الصادي المختص النفطي ورجل الأعمال المقيم في النمسا أن استقرار الشرق الأوسط وهو المصدر الرئيسي للخام التقليدي قليل التكلفة في الإنتاج كفيل بتحقيق الاستقرار والنمو في الاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة، مشيرا إلى ضرورة التعاون الدولي لتأمين إمدادات الطاقة والحد من تنامي دور التنظيمات الإرهابية في إحداث التوتر في السوق خاصة ما تقوم به من تعطيل الإنتاج تارة وسوء استغلاله وسرقته والاتجار غير المشروع به.

وأشار الصادي إلى أن الوضع في ليبيا وهى منتج مهم وصل إلى مرحلة خطيرة، وأن تقارير إعلامية أمريكية تؤكد أن ليبيا تحرق احتياطها من النفط بمعدل مقلق، مع سعي البلاد لدفع فاتورة ضخمة من الأجور والدعم بدون الاستفادة من عائدات النفط الوافرة في المعتاد، وهي تقريبا المصدر الوحيد للدخل في البلاد فقد أنفقت ليبيا العام الماضي ما يقدر بـ 27 مليار دولار من احتياطيها النقدي.

ودعا الصادي إلى تعاون كافة القوى الإقليمية لمساعدة ليبيا على عودة الاستقرار السياسي والأمني ووقف حالة الانهيار الاقتصادي الحاد التي تعيشها، وبالمقارنة فقد كان إنتاج النفط الليبي قبل عام 2011، نحو 1.6 مليون برميل يوميا، إلا أنه حاليا مع استمرار المواجهات بين مجموعة من الفصائل المسلحة الساعية لتأمين نصيبها من عائدات النفط يراوح الإنتاج بين 200 إلى 300 ألف برميل يوميا، حيث إن أغلب النفط يتدفق من المدن الساحلية.

وأوضح الصادي أن تضافر الظروف السياسية في هذه الدولة مع حالة التراجع الحاد في أسعار الخام خلال الفترة الماضية أدى إلى زيادة الأعباء بشكل كبير جدا وتهدد البلاد بالإفلاس لأنه لا يوجد لها أي مورد اقتصادي إلا النفط الخام.

على صعيد الأسعار، استقرت أسعار خام النفط برنت فوق 60 دولارا للبرميل أمس بعدما طغت التكهنات بانخفاض عدد منصات الحفر العاملة في الولايات المتحدة على المخاوف من تخمة المعروض.

وأظهر مسح أسبوعي لشركة بيكر هيوز للخدمات النفطية الأسبوع الماضي أن عدد الحفارات النفطية قيد التشغيل في الولايات المتحدة هبط إلى أدنى مستوى له منذ آب (أغسطس) 2011.

وصعدت أسعار النفط بنسبة 15 في المائة خلال الأسابيع القليلة الماضية مدفوعة بفعل تراجع عدد منصات الحفر في آبار النفط في الولايات المتحدة، وتقليص كبرى شركات النفط العالمية استثماراتها وهو ما يؤشر على احتمال تراجع المعروض النفطي ما سيدفع الأسعار إلى الارتفاع.

وقال كارستن فريتش المحلل لدى "كومرتس بنك "، "إنه من المتوقع أن ينخفض بشدة عدد منصات الحفر وهو ما يشير إلى تراجع إنتاج النفط الأمريكي في النصف الثاني من العام، ولكن هذا لا يغير شيئا من تخمة المعروض في سوق النفط في المدى القصير".

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية "إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت 7.7 مليون برميل إلى مستوى قياسي 425.6 مليون برميل الأسبوع الماضي". وارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت لعقود نيسان (أبريل) 50 سنتا إلى 60.71 دولار للبرميل، فيما زادت عقود الخام الأمريكي الخفيف لتسليم آذار (مارس) التي يحين أجلها في وقت لاحق اليوم ثلاثة سنتات إلى 51.19 دولار لبرميل.

وكان التداول هادئا في التعاملات الآسيوية مع إغلاق الأسواق في الصين وسنغافورة وبضع دول أخرى في عطلة السنة القمرية الجديدة.