"أزمة بلاكبيري" في الخليج ترفع النقاب عن التجسس الالكتروني

تاريخ النشر: 08 أغسطس 2010 - 11:05 GMT
شاب سعودي يختبر بلاكبيري في متجر بجدة/أ.ف.ب
شاب سعودي يختبر بلاكبيري في متجر بجدة/أ.ف.ب

 يعطي الجدل الدائر حول ما إذا كان بإمكان عدد من الدول الناشئة أن تخترق بفاعلية مراسلات أجهزة بلاكبيري لمحة نادرة عن العالم الخفي لأنظمة المراقبة الالكترونية الحكومية التي بدأت بالفعل تغير من شكل السياسة والجاسوسية والتجارة.

ويدور حاليا نزاع بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جانب وشركة (ريسيرش ان موشن) المصنعة لهواتف بلاكبيري الذكية من جانب أخر وتقولان أنهما تريدان أن تكون لديهما القدرة على الاطلاع على البيانات المشفرة لرصد المخاطر الأمنية وسط تهديد بحجب خدمة الرسائل الفورية.

ويبرز هذا الخلاف الهوة المتزايدة بين فكرة الانترنت الحر ورغبة عدد متزايد من الحكومات غير الديمقراطية من الصين إلى إيران في السيطرة على المعلومات وتعميق المراقبة لمواجهة المعارضة والتمرد.

كما تطالب أجهزة الأمن الهندية بالقدرة على الاطلاع على رسائل بلاكبيري كشرط للمزيد من التوسع قائلة إنها تعتقد أن متشددين استخدموا هذه الهواتف للمساعدة على التخطيط لهجمات مومباي والتي سقط خلالها 116 قتيلا.

وتقدمت لبنان والجزائر بطلبات مماثلة.

قال جوناثان وود وهو محلل للشؤون العالمية في مؤسسة كونترول ريسكس للاستشارات التي تتخذ من لندن مقرا "هذا جزء من اتجاه أوسع نطاقا". وتقدم الشركة مشورة للشركات في الشؤون الأمنية والفساد والسياسة وغيرها من المسائل.

وأضاف "بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر كان هناك توسع هائل لدى القوى الغربية في مراقبة الاتصالات الالكترونية لأغراض الأمن القومي. تسعى دول أخرى الآن إلى اللحاق بالركب. الفارق هو أنها تريد استخدامها بشكل أوسع نطاقا".

وربما يتراوح هذا بين مراقبة وإحباط الملايين من المعارضين المحتملين وبين التفوق في الصفقات التجارية وهو مبعث قلق على وجه التحديد بالنسبة للشركات الغربية التي تتنافس أحيانا مع الشركات المدعومة من الدولة.

وأصبحت هواتف بلاكبيري أداة لا غنى عنها للعاملين في البنوك ومديري الشركات والنشطاء السياسيين والدبلوماسيين. ومن الأسباب الرئيسية للإقبال على استخدامها هي الدرجة المرتفعة من الأمن الذي تكفله لبياناتها.

ويقول البعض إن هناك بالفعل ازدواجية في المعايير. إذ أن خوادم بلاكبيري موجودة في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا. وليس هناك أدنى شك في أن أجهزة المخابرات في تلك الدول تتمكن من الدخول على هذه الخوادم.

وربما يكون نتيجة لذلك أن حظرت فرنسا على مسؤوليها استخدام مثل هذه الأجهزة. لكن أغلب المحللين يقولون إن المساعي الغربية تركزت أساسا على محاولة استخدام أشكال اعتراض البيانات الالكترونية لرصد عدد صغير من المتشددين وأفراد الجريمة المنظمة وغيرهم بمن في ذلك المولعون بالتقاط صور فاضحة للأطفال.

ومن الواضح أن بعض الدول الناشئة تستهدف المعارضين السياسيين الذين جعلت الاتصالات الالكترونية الرخيصة التي يصعب اعتراضها بالنسبة لهم عملية التنظيم أسهل كثيرا.

وقال أحمد منصور وهو مدون من الإمارات العربية المتحدة "عندما تم إدخال بلاكبيري بدأت أتلقى رسائل تنتقد الحكومة من أشخاص لم أرهم أبدا يشتركون في مثل هذه الأنشطة... بدأ الناس العاديون يبحثون قضايا شائكة".

وأظهرت الاضطرابات الواسعة النطاق والتي يتم التنسيق لها على الانترنت بعد الانتخابات الإيرانية في العام الماضي المتنازع على نتائجها كيف أن مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع أخرى مثل تويتر يمكن أن يجري استغلالها في حشد المعارضة. ومنذ ذلك الحين أحكمت الكثير من الدول الرقابة وحجبت مواقع مثل فيسبوك Facebook وتويتر Twitter .

وفي أكبر خلاف يثور حول مواقع الانترنت إلى الآن أثارت جوجل غضب بكين في وقت سابق من العام الحالي عندما أعلنت أنها لن تلتزم بقواعد الرقابة الصينية.

 

وقالت إن خوادمها عانت من عمليات اختراق عديدة من الصين التي ينظر لها على أنها ترغب بشدة في رصد المعارضين عبر الانترنت وفي الوقت ذاته الحد من الدخول على مواقع الخارج من خلال مواقع التأمين والحماية لديها.

وكتب ايان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا للاستشارات في مجال المخاطر السياسية يقول "كل الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات في مجال التكنولوجيا المتقدمة تسعى جاهدة لانترنت عالمية لا حدود لها في الوقت الذي أصبحت فيه دول استبدادية في أنحاء العالم ترغب في شبكات داخلية ذات مقار إقليمية حيث يمكن للحكومات أن تمارس السيادة على الخوادم وأجهزة توجيه البيانات الخاصة بها".

كان مستوى القدرة على الدخول على خوادم بلاكبيري حتى يتسنى لأجهزة المخابرات الاطلاع على رسائلها محور المفاوضات من أجل طرح هذه الأجهزة في أنحاء العالم وكانت شركة (ريسيرش ان موشن) متكتمة بشدة على ما تم الاتفاق عليه. حتى وان لم يكن هناك اتفاق يقول خبراء إن هناك طرقا يمكن من خلالها أن تتمكن أجهزة المخابرات من خرق أمن بلاكبيري.

وقال بيورن روب الرئيس التنفيذي لشركة (جي.اس.ام.كيه) المصنعة للهواتف الآمنة لرويترز "الحظر الصريح.. أسلوب غير لائق... أغلب الدول التي ترغب بشدة في مراقبة اتصالات مواطنيها تتصرف بطريقة متقدمة وحذرة من أجل إبعاد مثل هذه الأنشطة عن أنظار المواطنين." وتمد الشركة الحكومات والمشاهير والقوات المسلحة بأجهزتها.

وفي روسيا استغرق طرح بلاكبيري عامين من المفاوضات وتطلب موافقة جهاز (اف.اس.بي) المعني بأمن الدولة والذي يحق له المراقبة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب وطالب بأن يكون مقر الخوادم في روسيا. كما أن التوسع في الصين استغرق عامين من المباحثات الأمنية.

وفي الخليج يقول نشطاء سياسيون إن الرسائل الفورية الآمنة لبلاكبيري زادت بصورة كبيرة من قدرتهم على الاتصال ببعضهم بعضا. وإذا تم حجب هذه الخدمة فسوف يتحولون إلى أدوات أخرى مثل مكالمات سكايبي المشفرة.

وقال أحمد حامد وهو محام من الإمارات ونشط في حقوق الإنسان إن بلاكبيري كان ثوريا في المنطقة وأضاف "لقد نبههم. أعتقد أنه أمر لن ينتهي".

 

 

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن