تشهد مدينة الفاشر، كبرى مدن إقليم دارفور غربي السودان، موجة نزوح جماعي جديدة مع تدهور الأوضاع الإنسانية، إذ أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 82 ألف شخص فرّوا من المدينة خلال الأيام الأخيرة، في ظل تصاعد العنف والانتهاكات ضد المدنيين.
وقالت شبكة أطباء السودان إن ما يحدث في الفاشر يمثل "جريمة إنسانية مكتملة الأركان"، مشيرة إلى أن آلاف المدنيين محتجزون قسراً تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ويعيشون في أوضاع قاسية تفتقر لأبسط مقومات الحياة. وأكدت الشبكة وقوع انتهاكات جسيمة بحق النساء والفتيات، بينها حالات اغتصاب واعتداءات بدنية، وسط غياب تام لأي حماية قانونية أو رقابة إنسانية.
من جانبه، دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إلى تحرك دولي عاجل لوقف ما وصفه بـ"الفظائع المروّعة" في الفاشر، محذراً من الانتظار حتى يتحول الوضع إلى "إبادة جماعية". وأشار إلى تقارير تتحدث عن أعمال قتل جماعي وعنف عرقي واغتصاب جماعي، مؤكداً أن الحصار المفروض على المدينة قبل سقوطها كان في ذاته "جريمة فظيعة".
وفي سياق متصل، ذكر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن خطته للاستجابة للأزمة السودانية لعام 2025 تواجه عجزاً تمويلياً كبيراً، إذ لم يُغطَّ سوى 28% من متطلباتها المقدّرة بـ4.16 مليارات دولار، ما يترك فجوة تصل إلى نحو 3 مليارات دولار.
ونعى مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الطبيب آدم إبراهيم إسماعيل، الذي أعدمته قوات الدعم السريع ميدانياً في الفاشر، قائلاً عبر منصة "إكس" إن المنظمة "تدين بشدة الاعتداءات ضد العاملين في المجال الصحي وتطالب بوقفها فوراً".
بدورها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن نحو 30 مليون شخص في السودان باتوا بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، بينما أفادت تقارير ميدانية بارتفاع أعداد النازحين من ولايتي دارفور وكردفان إلى أكثر من 57 ألفاً في مدينة الدبة شمالي البلاد، بينهم مئات الأسر التي يجري نقلها إلى مخيم العفاض شرق المدينة.
ميدانياً، قال مصدر عسكري للجزيرة إن طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع استهدفت بلدة أم برمبيطة في ولاية جنوب كردفان قرب حامية للجيش من دون أن تسفر عن خسائر، فيما أكد الجيش السوداني أنه سيواصل عملياته للوصول إلى دارفور "استجابة لإرادة الشعب"، بحسب تصريحات مساعد القائد العام ياسر العطا، الذي شدد على أن الجيش "لا يسعى للحرب بل يعمل من أجل أمن الوطن وسلامته".
من جهته، أعلن حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي عزمه "التحرك غرباً لتحرير السودان"، في حين أكد عبد العزيز عشر، مستشار رئيس حركة العدل والمساواة، أن قوات الحركة ستقاتل إلى جانب الجيش في خندق واحد.
في المقابل، اعتبر مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، أن تصريحات الجيش "تعيد إنتاج نهج قديم قائم على منطق الحرب والمكاسب السياسية"، داعياً إلى تشكيل تحالف وطني حقيقي يقدّم حلولاً سياسية لمعالجة جذور الأزمة السودانية.
