أثار تدمير منظومات الدفاع الجوي التركية في ليبيا ضجة كبيرة على المواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي بعد الحديث عن قيام طيران مجهول بضرب هذه المنظومات.
وأقرت وزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية بتعرض قاعدة الوطية الجوية لغارة طيران وصف بأنه "أجنبي وغادر وجبان"، ما يعيد إلى الأذهان واقعة مماثلة حصلت في أغسطس 2014.
وتناقلت الانباء تحليلات بين ضلوع مباشر من طرفين في الهجوم اما فرنسا التي قررت الدخول مباشرة في الحرب الليبية، او مصر التي تعتبر التدخل الليبي تهديدا لامنها القومي ونقل موقع روسيا ليوم عن مصادر عسكرية بأن "الخط الأحمر" الذي تحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تصريحاته أمام الجيش المصري قرب حدود ليبيا ليست مجرد تصريحات للاستهلاك الإعلامي، ونقلت عن الباحث العسكري المصري محمد الكناني إن تلك الغارات نجحت في تحييد منظومات الدفاع الجوي متوسطة المدى "هوك" أمريكية الصنع، بالإضافة إلى 3 رادارات في الغالب هي من الطراز "كالكان" تركية الصنع عاملة مع منظومات "هوك"، بالإضافة إلى تدمير منظومة الإعاقة والتشويش الإلكترونية تركية الصنع "كورال".
وأكد الباحث المصري أنه في حقيقة الأمر، ليس مهما أي مقاتلات نفذت تلك الغارات، فالأهم هو ما خلفته من آثر سياسي وإعلامي مدويين، بعد مضي أقل من يوم على تصريح وزير الدفاع التركي برفض إعلان القاهرة في طرابلس.
وأضاف الكناني أن تركيا طورت منظومتي دفاع جوي تحت مسمى "حصار" إحداهما قصيرة المدى تحت مسمى "حصار-إية" يصل مداها إلى 15 كم، والثانية "حصار-أو" ويصل مداها إلى 25 كم، ولكن لم تدخلا الخدمة حتى اللحظة، وهذا سبب الاعتماد المستمر على منظومة "هوك" الأمريكية التي مهما كان مستوى تطويرها فإنها في النهاية غير مؤثرة على طائرات القتال الجوي عالية المناورة المنتمية للأجيال الحديثة.
في الاثناء قالت صحيفة ”العرب” الصادرة في اوربا إن الطائرات المهاجمة التي استهدفت قاعدة الوطية في غرب ليبيا هي من طراز رافال، مما يحصر القوة المهاجمة بين فرنسا ومصر الدولتين اللتين تمتلكان هذا النوع من الطائرات ضمن المدى الذي تقع فيه قاعدة الوطية، معتبرةً التحرك بمثابة رد سريع على زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى طرابلس التي عكست حجم التمادي التركي غرب ليبيا.
ومنذ سيطرة الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق في طرابلس على قاعدة الوطية بعد انسحاب قوات الجيش الليبي منها إثر سلسلة ضربات جوية تركية استهدفتها، تتواتر الأنباء بشأن وجود مخطط لتحويلها إلى قاعدة تركية، وهو الأمر الذي تعارضه فرنسا بشدة، والتي أشارت أنباء إلى اقتراحها بتحويل الوطية إلى قاعدة لحلف شمال الأطلسي “ناتو”.
وكشف ضابط مُتقاعد من الجيش الليبي يُقيم في منطقة الزنتان، لـصحيفة “العرب”، أن سربا من الطائرات المقاتلة شن سلسلة من الغارات الجوية على قاعدة الوطية التي نشرت فيها تركيا مقاتلات من نوع “أف 16″، وأخرى دون طيار من نوع “بيرقدار تي بي 2” و”أنكا أس”، مدعومة بمنظومة دفاع جوي من نوع “هوك أم أي أم 23” مع ملحقاتها من رادارات.
وقال الضابط المتقاعد طالبا عدم ذكر اسمه، إن تسع غارات جوية استهدفت استراحة “النداب” بقاعدة الوطية التي تتخذها القوات العسكرية التركية مقرا لها منذ سقوطها بيد ميليشيات حكومة فايز السراج في مايو الماضي، إلى جانب استهداف منظومات الدفاع الجوي “صونغور”، والرادارات الثابتة والمُتحركة، ومنظومة “كورال” للتشويش الإلكتروني، التي كانت وحدات الجيش التركي قد ركزتها في قاعدة الوطية.
وكثفت تركيا استفزازاتها في ليبيا، حيث جاء استهداف قاعدة الوطية بعد زيارة وزير الدفاع خلوصي أكار ورئيس هيئة الأركان التركية يشار غولار لطرابلس ومصراتة، والتي استمرت يومين، تفقدا خلالها الجنود الأتراك وغرف العمليات العسكرية التركية في المدينتين.
وعلى الرغم من أن قوات حكومة الوفاق والجيش الوطني اتهما بعضهما مرات عديدة بالاستعانة بطيران أجنبي مسير خلال 14 شهرا من القتال حول طرابلس، إلا أن الحادثة الأولى الأبرز حصلت في ساعات الصباح الأولى في 18 أغسطس 2014، ولم يكن للمشير خليفة حفتر وقواته أي علاقة مباشرة بها.
تلك الواقعة حدثت أثناء هجوم قوات "فجر ليبيا"، وهو تحالف تتقدمه قوات من مدينة مصراتة على مطار طرابلس الدولي، ومعسكرات وثكنات ومواقع حساسة في العاصمة، كانت تحت سيطرة قوات أغلبها ينتمي إلى مدينة الزنتان.
حينها شنت طائرات وصفت بالمجهولة غارات استهدفت ثكنتين بطريق المطار بعد أن سيطرت عليهما قوات "فجر ليبيا" وانتزعتهما من لواء القعقاع وكتيبة الصواعق التابعتين للزنتان.
وتناقلت وسائل الإعلام حينها تصريحات علاء الحويك المتحدث باسم قوات "فجر ليبيا"، حيث اتهم طائرات مجهولة بشن تلك الغارات، فيما نفى حلف الناتو علاقته بها، ونفت إيطاليا وفرنسا وبريطانيا أي صلة بها.
وعلى الرغم من مرور حوالي 6 سنوات على أول ظهور للطيران الأجنبي المجهول، لم يتم الكشف عن أصحابه، في حين قد تتكشف هوية الطيران المجهول الجديد في قادم الأيام، خاصة مع تغير الظروف وتدخل بعض الدول إلى جانب أحد طرفي النزاع الحالي في ليبيا، وخاصة تركيا، بطريقة مكشوفة وعلنية بل ورسمية.