ملف كبار الأسرى لم يغلق بعد: مقترح المقاومة يربك حسابات الاحتلال

تاريخ النشر: 22 أكتوبر 2025 - 06:47 GMT
_

أفاد مصدر فلسطيني مطلع لـ«العربي الجديد» بأن مفاوضات غير مباشرة جرت بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، في الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في شرم الشيخ، تناولت ملف الإفراج عن كبار الأسرى الفلسطينيين ومن تبقّى منهم ذوي الأحكام المؤبدة والمحكوميات العالية، ضمن اتفاقية تبادل مع الأسرى الذين كانت تحتجزهم المقاومة في قطاع غزّة. وأكد المصدر أن هذه القضية كادت تفجر اتفاق وقف إطلاق النار، وأن الملف لم يُغلق وما زال حاضراً على طاولة المفاوضات المرتبطة بتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي ترامب.

تحوّل ملف كبار الأسرى خلال جولات التفاوض في شرم الشيخ إلى اختبار لقدرة الوساطة الدولية على التوفيق بين إصرار الجانب الفلسطيني على تحرير هؤلاء الأسرى، وبين موقف الاحتلال الإسرائيلي المدعوم بضغوط أميركية مباشرة فرضت خطوطاً حمراء منعت الإفراج عن أسماء اعتُبرت «رموزاً». وذكر المصدر أن نقاشات الجلسات تركزت على الأسماء التي رفض الاحتلال الإفراج عنها، بينها مروان البرغوثي، أحمد سعدات، حسن سلامة، إبراهيم حامد، عبد الله البرغوثي، عباس السيد، عاهد أبو غلمة، معمر شحرور، مهند شريم، وغيرهم.

واعتبرت الفصائل الفلسطينية أن تجاهل هذا الملف أو التنازل عنه يعني تفريغ أي اتفاق من مضمونه السياسي والإنساني، فأصرّت على إبقائه بنداً مركزياً في أي مرحلة لاحقة من الحوار. ووفق المصدر نفسه، كان الموقف قريباً من انفجار المسار لولا تدخل أميركي في اللحظات الحاسمة حاملاً لهجة تهديد صريحة موجهة للفلسطينيين: إما القبول بالاتفاق كما هو، أو مواجهة عسكرية واسعة بدعم وغطاء أميركي في غزّة.

وبينما بدت الضغوط الأميركية حاضرة بقوة في موقف الاحتلال الإسرائيلي، تغيّرت أجواء النقاش داخل قاعة المفاوضات إلى ضيق خيارات واضح: قبول مؤقت بالاتفاق أو العودة إلى مواجهة مفتوحة. وعلى الرغم من ذلك، رفضت الفصائل الفلسطينية ببساطة اعتبار ملف كبار الأسرى قضية قابلة للتأجيل، وأبلغت الوسطاء أن تجاوزه يعني انهيار أي مسار سياسي لاحق.

ورداً على الإصرار الإسرائيلي، قدّمت المقاومة مقترحاً قانونياً وسياسياً لتطويق المأزق، يقضي بتحويل وضع كبار الأسرى من «معتقلين أمنيين» إلى «مقيمين خاضعين لشروط إقامة محددة» في دولة ضامنة ثالثة لفترة مؤقتة، تحت إشراف الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، إلى حين معالجة جذور قضية الأسرى في مسار سياسي شامل. وتنص الصيغة المقترحة على نقلهم من السجون الإسرائيلية إلى إقامة مشروطة في دولة عربية أو إقليمية، لمدة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات قابلة للتجديد، مع ضمان زيارات دورية من العائلات وممثلي المؤسسات الدولية، وفتح مساحة معيشية واجتماعية مقبولة لهم خلال تلك الفترة.

طرحت الوثائق ثلاث دول مرشحة لاستضافة الأسرى في هذه الآلية: قطر وتركيا ومصر، مع إبقاء الجزائر خياراً احتياطياً في حال تعذّر التوافق على دولة خليجية. وتقدّم المقاومة هذه الآلية بوصفها «حلاً وسطياً عملياً» يوفّر ضمانات أمنية مؤقتة للاحتلال الإسرائيلي ويحقق مخرجاً إنسانياً يحفظ كرامة الأسرى ويلبّي حدّاً من المطالب الشعبية الفلسطينية.

ويؤكد المصدر أن الفصائل تعتبر كبار الأسرى أصحاب الأحكام المؤبدة رموزاً للشرعية السياسية والمقاومة، وأن بقائهم خلف القضبان سيظل عاملاً دائماً للاحتقان وقد يبرّر لأي طرف اللجوء إلى محاولات تحريرهم بكل الوسائل، السياسية أو العسكرية، إذا لم يتوفر خيار آخر يُرضي الشعب الفلسطيني.