محاصرون يرفضون الاستسلام..ما قصة 200 مقاتل قسامي التي أشغلت العالم؟

تاريخ النشر: 10 نوفمبر 2025 - 06:06 GMT
_

تتصدر قضية المقاومين الفلسطينيين العالقين داخل الأنفاق في مدينة رفح المدمّرة جنوب قطاع غزة المشهد السياسي والأمني، بعدما أصبحت محور الجهود الدولية الساعية للانتقال إلى المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

واستخدم الاحتلال الإسرائيلي هذه القضية لإثارة أزمة جديدة ضمن مساعيه الرامية إلى إبطاء تنفيذ الاتفاق وإضافة مزيد من التعقيدات أمام جهود التهدئة.

وتحوّل مصير المقاومين المحاصرين في رفح إلى موضوع خلاف بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والاحتلال الإسرائيلي، بينما تتحدث تقارير إعلامية أميركية وإسرائيلية عن ضغوط تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لدفع الجانبين نحو حل هذه الأزمة بما يضمن استمرار وقف إطلاق النار.

وأكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن المقاتلين العالقين هم من عناصرها، وأنهم ما زالوا داخل مناطق خاضعة لسيطرة قوات الاحتلال في رفح، وتحديدًا ضمن ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية وفق المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة، وتشمل حدوده كامل مدينة رفح.

ويقدّر الاحتلال الإسرائيلي عدد هؤلاء المقاتلين بين 150 و200 مقاتل، بينما لم تصدر عن حماس أو كتائب القسام أي بيانات تتعلق بأعدادهم. وفي التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن جيش الاحتلال مقتل أحد جنود الاحتياط إثر استهداف قوة عسكرية في رفح، مدّعيًا أن ذلك يشكل خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار.

وردّ الاحتلال بسلسلة غارات عنيفة على مختلف مناطق قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من مئة فلسطيني، فيما تعرضت رفح لقصف متكرر وعمليات تدمير جديدة. وقبل ذلك بعشرة أيام، أعلن الاحتلال مقتل جنديين في المنطقة نفسها، واتخذ من الحادثة ذريعة لشن هجمات إضافية أودت بحياة نحو خمسين فلسطينيًا.

وتشير تقارير إعلامية إلى أن الولايات المتحدة مارست ضغوطًا متواصلة على الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس لإغلاق هذا الملف. ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤول أميركي أن إدارة الرئيس ترامب طالبت حماس بتسليم جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن، الذي قُتل في عملية للمقاومة برفح عام 2014، تمهيدًا للتوصل إلى تفاهم ينهي أزمة المقاتلين داخل الأنفاق.

وأعلنت كتائب القسام مؤخرًا أنها أعادت رفات غولدن، وهو ما أكدته سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعد تسلم الجثة رسميًا.

ومن المتوقع أن تكون هذه المسألة على جدول محادثات المبعوثين الأميركيين جاريد كوشنر وستيفن ويتكوف مع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وفق ما أوردته هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة.

وتداولت وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية عدة مقترحات لحل الأزمة، بينها السماح للمقاتلين بالخروج الآمن إلى داخل غزة مقابل تسليم سلاحهم، أو نقلهم إلى دولة ثالثة بعد مغادرتهم الأنفاق، فيما دعا بعض المسؤولين في الاحتلال إلى إجبارهم على الاستسلام أو مواجهة الموت داخل الأنفاق.

وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن المقاتلين المتحصنين داخل أنفاق رفح لن يستسلموا، داعية الوسطاء إلى التحرك العاجل لإيجاد حل للأزمة التي تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار القائم.

وأوضح القيادي في الحركة إسماعيل رضوان، في تصريح لقناة الجزيرة، أن حماس أبلغت الوسطاء باستعدادها لترتيب عملية آمنة لإخراج المقاتلين من المنطقة التي يسيطر عليها الاحتلال الإسرائيلي خلف "الخط الأصفر"، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي سيتحمل كامل المسؤولية عن أي تصعيد ميداني في حال اقتحامه أماكن تواجد المقاتلين.

وفي سياق متصل، حذرت كتائب القسام – الجناح العسكري لحماس – أمس الأحد الاحتلال الإسرائيلي من أي محاولة للاشتباك مع عناصرها العالقين في رفح، مؤكدة أن خيار "الاستسلام أو تسليم النفس" غير مطروح على الإطلاق في قاموس المقاومة.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول تركي رفيع أن بلاده لعبت دورًا محوريًا في تسهيل عملية إعادة رفات الضابط الإسرائيلي هدار غولدن، الذي قُتل في عملية للمقاومة برفح عام 2014. وأضاف المسؤول أن أنقرة تواصل جهودها لتأمين ممر إنساني آمن لنحو 200 فلسطيني ما زالوا عالقين داخل أنفاق غزة، في إشارة إلى مقاتلي حماس، وذلك في إطار مساعٍ أوسع لتثبيت وقف إطلاق النار ومنع تفجر الأوضاع مجددًا في القطاع.