تستضيف أستانا في اليومين المقبلين ثم جنيف الاسبوع المقبل، جولتي محادثات سلام حول سوريا، في اطار الجهود الدولية المبذولة للتوصل الى تسوية سياسية للنزاع الذي يقترب من بدء عامه السابع.
- ما هي المحادثات المرتقبة؟
تعقد جولة محادثات في استانا يومي الاربعاء والخميس استكمالاً لجولة اولى عقدت الشهر الماضي برعاية روسية تركية ايرانية، هدفت بشكل رئيسي الى تثبيت وقف اطلاق النار الساري في سوريا منذ 30 كانون الاول/ديسمبر بموجب اتفاق بين موسكو وأنقرة.
واعلنت وزارة خارجية كازاخستان السبت دعوة “الحكومة السورية” و”ممثلي المعارضة المسلحة السورية” والموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا إلى جولة المحادثات هذه، لبحث تثبيت وقف اطلاق النار وغيرها من “الخطوات العملية” التي يجب اتخاذها تمهيداً لمحادثات جنيف.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين، ان محادثات استانا ستشكل فرصة لـ “مراقبة التزام الاطراف كافة بالامتناع عن استخدام القوة فضلاً عن دعم وتشجيع العملية السياسية”.
وأكد مصدر سوري قريب من دمشق ان المباحثات ستكون “عسكرية بحت”.
وتستضيف جنيف في 23 شباط/فبراير مفاوضات سلام برعاية الامم المتحدة، بهدف استكمال بحث تفاصيل عملية الانتقال السياسي والملفات الخلافية وعلى رأسها مصير الرئيس السوري بشار الاسد.
وأرجأت الامم المتحدة مرتين موعد جولة المفاوضات هذه، وهدف ذلك في جزء منه إفساح المجال أمام المعارضة لتشكيل وفد موحد.
وتكرر موسكو الإشارة الى أن محادثات أستانا تهدف بالدرجة الأولى الى دعم مفاوضات جنيف، إلا أن شكوكاً تثار حول عملها مع أنقرة لايجاد “مسار بديل” عن جنيف في الواقع.
ويقول سام هيلر من مؤسسة “سنتشري” للابحاث، “من حيث المبدأ، تعد (مباحثات استانا) مكملة لمسار جنيف المستمر”.
ويضيف “لكن في الواقع، تبدو كأنها مسرحاً لتركيا وروسيا والى حد ما ايران، للتوصل الى تفاهمات خاصة بها ولمحاولة هندسة صيغة مرضية للحل السياسي وفقاً لمعايير هذه الدول الخاصة”.
- من سيشارك في المفاوضات؟
تشارك الحكومة السورية في مفاوضات جنيف. ومن المرجح ان يرأس وفدها، كما في الجولات السابقة، سفيرها الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري.
واعلنت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية ليل السبت تشكيلها وفداً مفاوضاً من 21 عضواً، بينهم عشرة ممثلين عن الفصائل المقاتلة، برئاسة عضو الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري.
وحل الخبير القانوني محمد صبرا في منصب كبير المفاوضين، خلفا للقيادي البارز في جيش الاسلام محمد علوش الذي شارك في الجولة السابقة. ويتمتع جيش الاسلام بنفوذ خصوصاً في ريف دمشق. ومن المقرر ان يشارك ممثل عنه في الفريق التقني المواكب للوفد المفاوض، وفق ما ذكر قيادي فيه.
واعلنت الهيئة العليا للمفاوضات ان وفدها يضم ممثلاً عن “منصة موسكو” المكونة من معارضين مقربين من روسيا ابرزهم نائب رئيس الوزراء سابقاً قدري جميل، وممثلاً آخر عن “منصة القاهرة” المؤلفة من معارضين مستقلين بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي.
الا ان الطرفين نفياً وجود ممثلين عنهما في عداد وفد الهيئة.
في محادثات أستانا، لا تزال قائمة الحضور غير واضحة. إذ وصل الجعفري الذي يرئس وفد الحكومة السورية الى استانا، فيما أكدت ثلاثة فصائل معارضة شاركت في المحادثات السابقة لفرانس برس انها لم تتلق اي دعوة.
وقال محمد علوش “حتى الآن لم نتلق أي دعوة، وفي الغالب لن نشارك في استانا”.
واعلن مكتب دي ميستورا ان “فريقاً تقنياً” سيتوجه الى أستانا، تزامناً مع اعلان وزارة الخارجية الأميركية أنها لا تزال تدرس ما إذا كانت سترسل ممثلاً عنها.
وأعلن الأردن الثلاثاء أن وفداً “رفيع المستوى” سيشارك في اجتماع أستانا “بصفة مراقب”.
- أي عوائق تعترض المحادثات؟
وتهدف محادثات أستانا بالدرجة الأولى الى تثبيت وقف اطلاق النار الصامد على الجبهات الرئيسية في سوريا منذ شهر ونصف الشهر. ولم تحقق الجولة الأولى التي بحثت آلية مراقبة تطبيق الهدنة أي تقدم يذكر في ما يتعلق بالتسوية السياسية للنزاع الذي تسبب منذ اندلاعه في آذار/مارس 2011 بمقتل اكثر من 310 آلاف شخص.
وليس متوقعاً أن تحقق المحادثات التي تبدأ الاربعاء أي اختراق، خصوصاً في ظل الحضور غير المؤكد للفصائل المعارضة حتى الآن.
وفي جنيف، تتباين مواقف طرفي النزاع إزاء الملفات الرئيسية المطروحة للنقاش، خصوصاً مصير الاسد.
وتصر المعارضة السورية على رحيل الاسد، فيما ترد دمشق بأن هذا الموضوع ليس مطروحاً للنقاش أساساً في جنيف وانه يعود للشعب السوري وحده أن يقرر مصير الرئيس السوري من خلال صندوق الاقتراع.
وتبدي تركيا الداعمة الرئيسية للمعارضة في الفترة الاخيرة مرونة أكبر ازاء تسوية النزاع، بخلاف المعارضة السياسية والعسكرية التي تتمسك بما تصفه بـ”الثوابت”.
وتتوجه الحكومة السورية الى جنيف بعد تحقيقها سلسلة انتصارات ميدانية، أبرزها السيطرة في كانون الاول/ديسمبر على كامل مدينة حلب، ما قد يحول من دون تقديمها لتنازلات.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية توما بييريه، “ما زلت غير مقتنع بأن الحكومة وحلفاءها جادون.. في تقديم تنازلات جدية، بقدر ما يسعون الى الحصول على استسلام الفصائل تحت قناع التسوية السياسية”.
وهذا ما يفسر برأيه انعقاد هذه المفاوضات.