صفة ذميمة، سوداء، غير مقبولة انسانيا، محاربة دينيا، غير محببة، الكذب والكاذب مكروه، والحديث بمناسبة «كذبة نيسان» او كما تسمى عالميا خدعة «ابريل».
اليوم لم يعد الكذب يمشي على تلك الاحبال القصيرة، بل أصبح ينتشر كما الانترنت، بدون أسلاك ولا وصلات، «وير ليس» ، في زمن التكنولوجيا الحديثة وادواتها وامكانياتها الرهيبة. كذب الكتروني يشمل الحديث والمظهر وحتى المشاعر والافكار.
في الاستطلاع الآتي هل فاقم «الهاتف الذكي «، او انتشار الانترنت، والذي بات بمتناول يد الجميع، كبارا وصغارا ومن كلا الجنسين، وبلا استثناء، آفة الكذب في حياتنا، وتعدى الامر لتصبح «الكذبة» هي أقصر الطرق للوصول والاقتراب، ومن حهة اخرى، الكذب، هل بات وسيلة لتجنب تبريرات وايضاحات قد يحتاجها منا الاخرون، ويجعلهم يقررون الاحتفاظ بنا والابقاء على علاقتنا معهم!.
الكذب خطيئة
تقول العشرينية «نادية فريد»، الكذب خطيئة، سواء كان بالعالم الواقعي او الافتراضي، وان كان البعض لا يأخذ الامر، اي الكذب باستخدام الهاتف الخلوي خاصته، او جهاز الكمبيوتر الشخصي، او اية وسيلة تواصل تكنولوجية مع الآخرين، على محمل الجد، بل يذهب الى ابعد من ذلك ولا يصنفه ضمن الصواب، باعتباره خطيئة وتجاوزا شرعيا وحتى اخلاقيا. وتضيف» على العكس تمام، فقد فاقم الانترنت آفة الكذب بين الناس، وللكذب في العالم الافتراضي انواع لا يمكن حصرها ضمن موضوع واحد، وهو كذب مؤذي وخطير وله وعليه عواقب وعلامات استفهام كبيرة وكثيرة». بحسب كلماتها.
هذا.. لا يعتبر كذبا
في هذا العالم الافتراضي هل يعتبر اخفاء الحقائق والمعلومات كذبا، يقول الثلاثيني «بشار سهاونة» احتفاظ الانسان بمعلوماته وعدم البوح بها او اشهارها كاملة لا يعتبر كذبا في الفضاء الالكتروني، بل يصب في باب الحفاظ على الخصوصية».
ويزيد « البعض يعتبر الامر مواربة، وكذبا ولكن في النهاية من حق الانسان الاحتفاظ بما يريد من معلومة وحجبها عن الآخرين، سواء في العالم الواقعي او الافتراضي، سيما ان كان لا يؤذي احدا بالتحفظ على هذه المعلومات، او ان كانت شخصية ولا تقتضي الضرورة البوح بها».
وزاد سهاونة « هناك معلومات قد يضطر المستخدم الى عدم اظهارها او حتى التلاعب بمصداقيتها امام الآخرين ومنها الاسم الحقيقي كاملا او العمر والمستوى التعليمي ولامور المادية البحتة، فالبعض يحبذ ان تبقى هذه جميعها مجهولة، وهذا لا يعتبر كذبا الا ان كان ضرورة لمن تتواصل معهم».
من وجهة نظر «ميادة نصري» فإن الكذب احيانا، ضرورة، للتخلص من امور واشخاص غير ذات اهمية»، وفق تعبيرها.
تقول «الكذب آفة منتشرة بين الناس بوجود الهاتف والانترنت او عدمه، فمعظم الناس يستخدمون «الكذب» في حياتهم اليومية ولا يوجد إنسان لا يفعل ذلك.
وتؤكد «ربما فاقم الهاتف والانترنت الامر، بل جعله ممكنا اكثر وسهلا حتى، والسبب هو تراجع معايير الخصوصية الشخصية للافراد في عالم منفتح وممكن للجميع النظر اليه والاقتراب منه».
عالم الكتروني يفتقد المصداقية
تقول الثلاثينية اسماء ماجد، ان الهاتف الذكي باعتباره المتهم الاول ،وفر جوا ملائما لمن يختار الكذب للتنصل وتبرير التقصير أو الخيانة أو عدم المسؤولية أو الإهمال. وزادت: «الانترنت عالم افتراضي ينقصه الكثير من المصداقية للأسف ، لذا يصعب احياناً، تبين الصدق والصادق الصدوق من غيره، ولذا تعتبر العلاقات فيه والاحكام على الاشخاص بدون اساس متين».
واستطردت القول «رغم ذلك يبقى السلوك الشخصي للفرد هو الاقدر على اثبات العكس، اي ان الصادق لن تغريه وسائل تخفي جريمة الكذب،ولربما من ايجايبات صداقات الانترنت المفترضة انها تكون قوية بسبب التواصل الروحي والذي غالبا ما يكون صادقاً فلا نفاق فيه او مصالح».
وتزيد «طريقة استخدام الانترنت يحكمها اخلاقيات وصفات شخصية متاصلة في الشخص، لا يمكن لكاذب ان ينشر مصداقية طويلة الامد عبر الانترنت، والعكس صحيح».
الكذب مضمونا
يقدم للناس ما تحب ان ترى وتسمع، ومن منطلق، لا اكذب بل أتجمل، يعمد البعض الى تقديم الصورة المثالية لانفسهم امام الآخرين. تقول الاخصائية الاجتماعية رندة روحي من يكذب في الواقع يكذب في الافتراض ايضا، ولكن من يحترف الكذب في الفضاء الالكتروني هو بالضرورة هارب من واقع مرير يهيش فيه.
تقول جوانب الكذب في العالم الافتراضي كثيرة ومتشعبة ويزيد من وتيرتها العزلة التي يعيشها البعض في عالمهم الواقعي لذا يعوضونها بالكذب على الانترنت وبواسطة الادوات المتاحة.
تضيف البعض يفتقد الانجاز في حياته الواقعية، البعض يفتقد العاطفة والاهتمام، والبعض قد تتعدى اهدافه ومآربه هذه وتلك لقصص الاحتيال والنصب والسرقة ايضا.
وتضيف «بخصوص من يتجمل، ويجاري الوضع كما يقال، ويعتقد في ذات الوقت انه لا يكذب، الامر مبرر واهن، فالصدق هو الجمال مهما بدى الامر سلبيا في نتائجه، والسبب ان عواقب الكذب وخيمة واولها وليس اخفها مخالفة الدين والتعاليم السماوية.
وزادت «الكذب ليس ارضية صالحة للسير اولا، وثانيا هي بمثابة اشعار بأن الكذب والتستر خلفه مرحلة انية لربما تنجي الان ، ولكن في المجمل الصدق اجمل واوضح واسطع».
الكذب شكلا وعاطفة
فيما تناولت الاربعينية «مريم سمور» جانبا مختلفا اوضحت من خلاله ان الكذب بات يمارس بصورة واضحة، بل ومؤذية، وذلك عن طريق استخدام ادوات التكنولوجيا الحديثة ومنها كاميرات وبرامج فلترة الصور على الهواتف الذكية.
تقول «بات الشكل مختلفا وبات ما يقدم للآخر مغلفا بالكذب وعدم المصداقية».
فيما اعتبرت العشرينية «نانسي عبد المجيد» كذب المشاعر في الزمن الإلكتروني أشد أنواع الكذب فتكا ذلك ان البعض بات يتفنن ويجيد هذا النوع من الكذب بل يستعمله بكثرة، حتى صل الى هدف ما. وتضيف «برأي فإن ابشع نوع من انواع الكذب هو ان يكذب الانسان فى مشاعره ويظهر من اخلاق ومشاعر وسلوكيات وحتى شكل ما ليس فيه او له، بهدف خداع الآخرين ، هذا الكذب يترك جروحا عميقة في نفس صدقت ذات يوم.
رنا حداد
اقرأ أيضاً: