فيما استمرت اجواء التوتر تخيم على على عدة مناطق من شمال وشمال شرق سوريا بين قوات الامن والعرب من جهة والاكراد من جهة اخرى صعدت واشنطن من تهديداتها للرئيس بشار الاسد وقالت ان العقوبات قريبة وحازمة وان الاسد على "مفترق طرق".
اعلن ريتشارد ارميتاج مساعد وزير الخارجية الاميركي امس ان الولايات المتحدة ستعلن خلال فترة قريبة جدا عقوبات جديدة على سوريا بسبب مواصلتها دعم الارهاب حسب قوله. وقال ارميتاج في حديث اذاعي نقلت نصه وزارة الخارجية الاميركية "ستكون هناك عقوبات قريبا جدا وستكون حازمة".
ومع ان المسؤول الاميركي اقر بان دمشق تتعاون "بشكل او بآخر" في مكافحة تنظيم القاعدة الا انه شدد على ان سوريا مثلها مثل ايران تواصل تقديم الدعم للمنظمات الراديكالية مثل حماس وحزب الله. واضاف ان سوريا "تقع في موقع متقدم على رأس لائحة الدول التي تدعم الارهاب".
كما اعتبر ان الرئيس السوري بشار الاسد هو حاليا "على مفترق طرق". وتابع "لا نستطيع بعد القول ما اذا كان الاسد الشاب مثل ابيه (الرئيس حافظ الاسد). يمكن الا نحب على الاطلاق والده الا انني اعتقد انه كان قادرا على اتخاذ القرارات".
وردا على سؤال عن اوجه الشبه والاختلاف بين الاسد الشاب ووالده الراحل اجاب ارميتاج "لا نستطيع بعد القول ما اذا كان الاسد الشاب مثل ابيه. يمكن الا نحب والده اطلاقا, الا انني اعتقد انه كان قادرا على اتخاذ القرارات, وسنرى ما اذا كان يمكن الرئيس الاسد ان يفعل ذلك. انه يواجه قراراً اليوم. انه يقف على مفترق طرق. ويستطيع اما ان تكون له حياة حسنة واما ان يكون اكثر انعزالاً وان يكون حزب البعث الوحيد الباقي في المنطقة".
وتوقعت مصادر في الكونغرس ان تقيد ادارة الرئيس جورج بوش استثمارات شركات الطاقة الاميركية في المستقبل في سوريا, لكنها ستسمح بمواصلة المشاريع الحالية بموجب "قانون محاسبة سوريا". كذلك توقعت ان يفرض البيت الابيض حظراً على الرخص الجديدة لمنع شركات الطاقة الاميركية من القيام باستثمارات جديدة من دون الاخلال بالمشاريع الحالية.
ومع ضآلة حجم التجارة بين البلدين الذي لا يتعدى 300 مليون دولار سنوياً, ستكون للعقوبات الجديدة آثار سياسية اكبر منها اقتصادية.
ومن ناحيته، لم يكتف ادم ايرلي نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية، وفقا لصحيفة "النهار" اللبنانية، بتوجيه الانتقاد الى سوريا لما وصفه بقمع الاكراد في سوريا بل طالب دمشق بوقف "قمع التعبير السياسي السلمي" في سوريا ولبنان.
وتطرق ايرلي الى تظاهرات الطلاب اللبنانيين في الجامعات الاسبوع الماضي, فقال "انهم تظاهروا سلميا ضد سيطرة سوريا على لبنان وضد استمرار الوجود العسكري السوري في لبنان". واضاف ان "قوى الامن قمعت هذه التظاهرات".
وبعدما اشار الى تظاهرات الاكراد في سوريا, قال: "اننا ابدينا قلقنا. ونحن نكرر مطالبة الحكومة السورية بان توقف قمع التعبير السياسي السلمي في سوريا ولبنان".
وحاول احد الصحافيين التأكد من ان ايرلي ذكر لبنان في عبارته, فكرر نائب الناطق العبارة ذاتها كما هي.
وعندما تساءل صحافي آخر كيف ان سوريين يقمعون حرية التعبير في لبنان, اجاب الناطق: "في لبنان, اعتقد انه من خلال سيطرتهم ومن خلال وجودهم العسكري المهم والكبير ومن خلال سيطرتهم على المشهد السياسي هناك".
وذكر ان القرار الخاص بفرض عقوبات على دمشق بموجب "قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان لعام 2003", سيصدر عن البيت الابيض و"اوضحنا ان القرار سيكون قريبا".
التوتر لا يزال مخيما على الوضع الداخلي
اما على صعيد الاوضاع الداخلية فقد تجددت الاشتباكات بين الاكراد وقوى الامن السورية وبين الاكراد والعرب في شمال شرق سوريا, وتضاربت الانباء حول عدد قتلى المواجهات التي وقعت بين العرب والاكراد منذ الجمعة وحتى ليلة امس.
وقالت مصادر كردية ان عدد الاكراد الذين قتلوا في الساعات الـ24 الاخيرة الى 17 استنادا الى مصادر كردية, فيما تحدثت السلطات السورية عن مقتل خمسة من العرب منذ بدء الاشتباكات الجمعة الماضي قبل مباراة لكرة القدم في مدينة القامشلي, واكد نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام في اول تعليق لمسؤول رفيع المستوى على الاضطرابات, ان الاحداث انتهت وان جهات خارجية تحاول الاستفادة منها.
ووسط هذه التطورات اجرى الرئيس السوري بشار الاسد الذي زار المملكة العربية السعودية محادثات مع ولي العهد السعودي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الامير عبدالله بن عبد العزيز تناولت احداث سوريا وتطورات القضية الفلسطينية والوضع في العراق.
مواجهات جديدة
وقال عضو المكتب السياسي لحزب اتحاد الشعب الكردي السوري المحظور مشعل تيمور ان المواجهات التي تواصلت ليل الثلثاء - الاربعاء في شمال البلاد وخصوصا في منطقة حلب ادت الى اصابة العشرات بجروح.
واوضح ان تسعة اكراد قتلوا في ضاحيتين من ضواحي حلب هما الاشرفية والشيخ مقصود, وان ستة آخرين قتلوا في قرية عفرين واثنين في رأس العين قرب الحدود مع تركيا. واشار الى ان اضطرابات حصلت ايضا في ضواحي قرى عامودا وديريك وعين بوار والمالكية والدرباسية على الحدود مع تركيا.
وشيع الاكراد في عفرين قرب حلب خمسة اشخاص قتلوا في صدامات مع قوى الامن السورية خلال تظاهرات نظمها مئات الاكراد احياء لذكرى مجزرة حلبجة في كردستان العراق الثلاثاء وسارت شاحنة ترفع علما كرديا خلف عربة تحمل جثة ابرهيم محمد احد المتظاهرين الذين يقال ان الشرطة قتلتهم.
وخرج الناس صفوفا في الطريق الى المقبرة عبر الشوارع التي لا تزال عليها آثار حرق الاطارات خلال تظاهرة الثلثاء.
وقالت نعمت (46 سنة) من سكان عفرين: "تظاهرنا امس واليوم وسنتظاهر غداً. نريد حقوقنا". وسئلت ما هي هذه الحقوق, فأجابت: "نريد وطناً".
واغلقت المتاجر في البلدة الصغيرة, ووقف عشرات من رجال الشرطة يحرسون المكاتب العامة ويسيرون دوريات في الشوارع, الا ان السكان قالوا انه لم تقع اعمال عنف امس.
وصرح رئيس المنظمة الثقافية الاشورية بشير السعدي لدى قيامه بجولة في بلدات عدة في الشمال الشرقي انه "لم ير اشارة الى تجدد العنف الاربعاء في المنطقة".
لكن سكاناً من مدينة القامشلي قالوا ان قوى الامن قبضت على اكراد وهم يحاولون احراق محطة بنزين قريبة جداً من مخزن للحبوب.
واكد الناشط الكردي رشيد شعبان ان الشرطة قتلت خمسة اشخاص بينهم شاب عمره 16 سنة وامرأة خلال التظاهرات في حلب وعفرين. واضاف انه حضر جنازات اربعة من القتلى الخمسة.
ونقلت وكالة "انباء الشرق الاوسط" المصرية عن مصدر مطلع في حلب ان رؤساء الاحزاب الكردية كلفوا رجال الدين المسيحيين التوسط بينهم وبين العرب.
محافظ الحسكة
وصرح محافظ مدينة الحسكة سليم كبول ان خمسة من العرب السوريين قتلوا في شمال شرق سوريا منذ بدء الاضطرابات مع الاكراد الجمعة. وقال ان "خمسة من العرب السوريين قتلوا بينهم رئيس مخفر شرطة, كما اصيب عشرة آخرون بجروح بينهم خمسة من رجال الشرطة". واوضح ان رئيس مخفر بلدة عامودا على مسافة 30 كيلومتراً غرب القامشلي "توفي اليوم الاربعاء متأثراً بطلق ناري اصيب به في رأسه الاثنين".
خدام
اما خدام, فقال: "وقعت احداث في بعض المناطق في البلاد. هذه الاحداث انتهت وليس في مقدور احد ان يمس او ينال من النسيج الوطني السوري". واضاف ان "هناك جهات خارجية تحاول ان تستفيد من مثل هذه الاحداث. من هي هذه الجهات? يمكنكم ان تستشفّوا ذلك من الاجواء في المنطقة".
واعلن انه "وردنا من القيادات الكردية في العراق استياءها مما حدث وحرصها على امن سوريا واستقلالها".
ولاحظ "ان وسائل الاعلام ضخمت الارقام, لكن اعمالاً تخريبية واسعة حصلت تم وضع اليد عليها وبالتأكيد القانون سيطبق على جميع من قاموا بهذه الاعمال".
وقالت الحكومة السورية عقب جلسة ليل الثلثاء ان "مثيري الشغب والانتهازيين استغلوا (الاحداث) ليدمروا الممتلكات الخاصة والعامة".
تظاهرة في اربيل
وفي مدينة اربيل بشمال العراق, خرج نحو خمسة آلاف كردي في تظاهرة احتجاجاً على معاملة الاكراد في سوريا.
وروى شهود ان المحتجين الذين لوحوا بلافتات واعلام كردية توجهوا الى مكتب الامم المتحدة لمطالبة المنظمة الدولية والجماعات المدافعة عن حقوق الانسان بوقف ما وصفوه بحملة السوريين على الاكراد—(البوابة)—(مصادر متعددة)