اخذت فضحية نشر صور الانتهاكات الاميركية والبريطانية لحقوق المعتقلين العراقيين تتفاقم اكثر وفتحت لندن تحقيقا في مزاعم جديدة وقالت منظمات حقوقية ان التعذيب منتشر على نطاق واسع واكد محقق اميركي اكثر السجناء ابرياء، فيما قال ولفوفيتز ان هذه الانتهاكات تؤثر على صورة بلاده.
بريطانيا
قالت وزارة الدفاع البريطانية إنها تحقق في مزاعم جديدة عن إساءة معاملة سجناء في العراق بعد ان نشرت صحيفة "ديلي ميرور" اليوم الجمعة شهادة جندي بريطاني قال انه شاهد على حوادث ضرب مبرح.
وذكرت الصحيفة ان الرجل ابلغ الشرطة العسكرية بالتفاصيل الكاملة للاعتداءات بما في ذلك اسماء ورتب الجنود الذين تورطوا في حوادث الضرب.
ويخدم الجندي في نفس الفوج الذي يشمله تحقيق يجري حاليا في انتهاكات اخرى ضد سجناء عراقيين.
وابلغ الجندي الصحيفة "شاهدت اربعة حوادث ضرب تعرض فيها اشخاص للكمات وركلات".
وقالت وزارة الدفاع انها بدأت تحقيقا في المزاعم الجديدة.
وقال متحدث باسم الوزارة يوم الخميس "يمكننا ان نؤكد ان الشرطة العسكرية الملكية استجوبت هذا المساء فردا تقدم بمزاعم الى صحيفة ديلي ميرور".
واضاف ان عدة تحقيقات تجرى حاليا في مزاعم عن انتهاكات ضد سجناء عراقيين وأن من غير الواضح ان كانت المزاعم الجديدة تشير الى حوادث يجري التحقيق فيها بالفعل.
وتواجه القوات الاميركية والبريطانية عددا متزايد من الاتهامات باساءة معاملة سجناء عراقيين منذ احتلالها العراق العام الماضي.
ونشرت الديلي ميرور التي تعارض الحرب في العراق صورا الاسبوع الماضي تظهر فيما يبدو جنودا بريطانيين وهم يبولون على سجين عراقي ملثم ويضربونه بمؤخرة بندقية.
ونشرت الصور بعد ان ظهرت صور اخرى في الولايات المتحدة لجنود اميركيين في سجن ابو غريب في بغداد وهم يسيئون معاملة سجناء عراقيين عرايا.
واشارت صحف بريطانية منافسة للديلي ميرور الى ان الصور التي نشرتها الصحيفة لجنود بريطانيين ربما كانت غير حقيقية على عكس الصور الاميركية.
منظمات حقوق الانسان: التعذيب منتشر
وردا على اقوال اميركية وبريطانية من ان عمليات التعذيب مارسها قلة من الجنود خلافا للتعليمات او للاخلاق العامة للجيش الاميركي، قالت جماعات لحقوق الانسان ان صور الجنود الاميركيين الذين يعذبون ويذلون السجناء في العراق ربما لا تكون سوى شيء بسيط من انتهاكات أكبر لا يعرف عنها شيء وان الحجم الكامل للمشكلة لن يكتشف الا من خلال اجراء تحقيق غير عسكري.
وفي مئات من المقابلات مع معتقلين سابقين خلال الاشهر التسعة الماضية تقول جماعات حقوق الانسان انه ظهر نموذج واضح لاساءة معاملة المعتقلين مع قول معظم السجناء انهم تعرضوا للضرب وحرموا من النوم وكثيرا ما جردوا من ملابسهم.
وتقول انه في بعض الحالات المنفردة كانت الانتهاكات أسوأ بكثير مع تعرض السجناء للواط او الاعتداء الجنسي بطرق مماثلة لصور الانتهاكات التي ظهرت على مدى الايام السبعة الماضية.
وقدرت منظمة دولية لحقوق الانسان وهي "فرق صنع السلام المسيحية" التي تعمل في العراق بشكل متقطع منذ أواخر عام 2002 ان نحو 80 في المئة من المعتقلين السابقين الذين اجرت معهم مقابلات عانوا من اساءة المعاملة بشكل أو بأخر.
وتقدر القوات الاميركية انها اعتقلت نحو 40 الف عراقي منذ سيطرتها على البلاد في العام الماضي رغم اطلاق سراح معظمهم. ومازال نحو عشرة الاف محتجزين.
وقال ستيورات فريسنجا وهو منسق لجماعة فرق صنع السلام المسيحية ان"العراقيين يشعرون بان الاميركيين يعاملونهم على انهم دون البشر بشكل كبير من البداية.
"واذا كان هذا ما ظهر للضوء في نهاية الامر فان ما نراه الان قد لا يكون سوى قمة جبل الجليد".
وأضاف ان منظمته استمعت لشهادات عراقيين قالوا انهم جردوا من ملابسهم وضربوا على مؤخراتهم . وقال انه في حالات أخرى اعتقلت مجندات عراقيين عند نقاط التفتيش وقمن باجبارهم على كشف عوراتهم والقيام بأفعال جنسية فاضحة.
وأكدت جماعات لحقوق الانسان والقوات الاميركية مقتل بعض المعتقلين. وأشار فريسنجا إلى حادث وقع في الشتاء الماضي عندما اجبر شابان انتهكا حظر التجول على القفز من فوق سد إلى نهر دجلة شمالي بغداد حيث غرق احداهما . واطلقت النار على آخرين.
وقال مسؤولو الجيش الاميركي ان الجنود الاميركيين قتلوا سجينين عراقيين في العام الماضي ويجري التحقيق في عشر حالات وفاة من بين 25 حالة في العراق وافغانستان.
وقال فريسنجا متسائلا"هل يعامل العراقيون باحترام وكرامة ويتم احترام حقوقهم؟ بالتأكيد لا .
"لم يعد هناك سوى عدد قليل جدا من العراقيين الذين يشعرون بان لهم أي حقوق تساوي حقوق المواطن الاميركي.
"القوات الاميركية تخلق أعداء بالالاف".
وقالت منظمة العفو الدولية مرارا في العام الماضي ان الجنود الاميركيين يسيئون معاملة المعتقلين ودعت لاول مرة إلى اجراء تحقيق في تموز / يوليو الماضي.
وقالت انها تأمل بان تؤدي الصور التي عرضت على مدى الايام السبعة الماضية للشرطة العسكرية في سجن أبو غريب وهي تجبر معتقلين عاريين غطيت رؤوسهم بأكياس على القيام بأعمال وكأنهم سيمارسون الجنس إلى زيادة الضغوط لاجراء تحقيق كامل غير عسكري.
وقالت متحدثة باسم منظمة العفو الدولية بالشرق الاوسط "نطالب باجراء تحقيق مستقل وعلني في هذه القضية لان الجميع سواء العراقيون أو الاميركيين له حق في ان يعرف .
محقق اميركي: كثير من السجناء ابرياء
وامام ادعاءات او محاولات بعض المسؤولين العسكريين الاميركيين تبرير هذه الممارسات بان المعتقلين هم "ارهابيون" من الموالين لنظام صدام حسين البائد، قال محقق اميركي سابق عمل في سجن أبو غريب العراقي الجمعة ان عددا كبيرا من السجناء هم عراقيون أبرياء احتجزتهم القوات الاميركية بشكل عشوائي واستجوبهم ضباط مخابرات اميركيون غير مؤهلين.
وقال تورين نيلسون ضابط المخابرات السابق في الجيش الاميركي في حديث مع صحيفة "الغارديان" البريطانية ان عددا كبيرا من المحتجزين في سجن أبو غريب "أبرياء من القيام بأي عمل ضد الائتلاف" الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق.
وأضاف نيلسون "اطلعت على تقارير كتبتها وحدات مكلفة بعمليات الاعتقال جاء فيها (الهدف لم يكن موجودا بالمنزل وخرج جاره ليستطلع الأمر فامسكناه)".
وعمل نيلسون كمحقق في سجن أبو غريب العام الماضي وقال ان الانتهاكات حدثت نتيجة الاعتماد الكبير على الشركات الخاصة المتلهفة على اثبات جدارتها بالمهمة والتي تشغل عاملين غير مؤهلين للعمل المخابراتي.
وقال للصحيفة "انهم واقعون تحت ضغط كبير للقيام بالمهمة سريعا... واذا كنت في عجلة من أمرك لاتمام عمليات الاعتقال ينتهي بك الأمر إلى ارسال طهاة وقادة سيارات في مهام استخباراتية."
وأضاف نيلسون ان براءة بعض المحتجزين تجعلهم عرضة أكثر لسوء المعاملة من جانب المحققين الذين يرفضون التصور انهم اعتقلوا ظلما ومن ثم يتعاملون معهم على انهم "أهداف صعبة" يجب كسر شوكتها.
ولفوفيتز يدافع
وانضم بول ولفوفيتز نائب وزير الدفاع الاميركي الى المسؤوليين الاميركيين الذين يحاولون جاهدين "لملمة" الفضيحة قائلا ان انتهاك حقوق السجناء العراقيين "يضر بشكل كبير" الجهود الاميركية لاقرار السلام والديمقراطية في العراق.
وفي خطاب ألقاه أمام مجلس الشؤون العالمية في فيلادلفيا كرر نائب وزير الدفاع الاميركي موقف حكومة الرئيس جورج بوش القائل بان اساءة معاملة السجناء كما ظهر في الصور التي نشرت مؤخرا عن وقائع حدثت في سجن أبو غريب أمر "غير مقبول تماما".
وتعهد ولفوفيتز بان "تتعامل" السلطات الاميركية مع مرتكبي هذه الانتهاكات لكنه دافع عن مسلك الغالبية العظمى من القوات الاميركية في العراق قائلا "أخطاء القلة لا تعكس العمل النبيل الذي يقوم به كثيرون".
وطالب عدد كبير من الديمقراطيين باستقالة دونالد رامسفلد وزير الدفاع الاميركي.
ومن بين الصور التي نشرت مؤخرا صورة مجندة اميركية وهي تجر مواطنا عراقيا عاريا برباط من عنقه على الأرض.
وحذر ولفوفيتز وهو من كبار مخططي الغزو الاميركي للعراق من ان هناك حاجة لخلق توازن بين الحاجة إلى اللجوء إلى العنف والاحتجاز والاستجواب وبين ضرورة الالتزام بالمباديء الديمقراطية.
وقال "لذلك قلنا مرارا وتكرارا ان هذا الاسلوب الذي رصد في الصور ليس فقط غير مقبول تماما بل انه يضر بدرجة كبيرة بالقضية التي نحارب من أجلها".
والقى ولفوفيتز كلمته نيابة عن رامسفلد الذي اضطر إلى عدم الحضور ليمثل يوم الجمعة أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الاميركي للرد على استجوابات بشأن تعامله مع الفضيحة.
وأعلن ولفوفيتز ان الولايات المتحدة ستواصل انتهاج سياسة تقوم على الهجوم والدفاع في ان واحد. وقال "هذه الحرب على الارهاب لا يمكن تحقيق النصر فيها بسياسة دفاعية فقط. الوسيلة الوحيدة للنصر في هذه الحرب هي اقتلاع الارهاب ومصدره".
ويوم الاربعاء طلب بوش من الكونغرس 25 مليار دولار اضافية لتمويل العمليات العسكرية في العراق وافغانستان حانثا بوعده بعدم طلب مزيد من الاموال قبل انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر.
وكان البيت الابيض قد أعلن من قبل انه لن يحتاج إلى اموال اضافية حتى العام القادم. وقبل الحرب قال ولفوفيتز للكونغرس "نحن نتعامل مع دولة يمكنها ان تمول عمليات اعمارها بنفسها وسريعا بدرجة نسبية".
وفي خطابه الاخير وصف ولفوفيتز العراق بانه "جبهة وسطى" في الحرب على الارهاب معارضا الانتقادات التي وجهت إلى ادارة بوش لعدم وجود دليل يربط بين العراق والهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في 11 ايلول / سبتمبر عام 2001.
اشكروفت يتعهد باتخاذ اجراءات
وأعلن جون اشكروفت وزير العدل الاميركي ان وزارته يمكن ان تتمتع بصلاحيات في بعض حالات انتهاك حقوق السجناء العراقيين وتعهد باتخاذ الاجراء المناسب.
وفي أول تصريحات له على الفضيحة المتصاعدة قال اشكروفت ان وزارة العدل قد تكون مختصة بمحاكمة حراس امن وافراد ليسوا في صفوف الجيش الامريكي أو خالفوا القانون ثم تركوا الخدمة.
وقال وزير العدل الاميركي خلال مؤتمر صحفي "هذه أمور تهم وزارة العدل بدرجة خطيرة".
وصرح اشكروفت بان وزارة الدفاع الاميركية (البنتاجون) تشارك في التحقيقات بصورة ملموسة وان وزارة العدل لا تريد ان تعطلها.
وقال "لا أعني ان اوحي بان وزارة العدل هي الجهة الوحيدة التي لها القدرة أو المسؤولة عن التصرف في هذا المجال".
وصرح اشكروفت بان القانون الاميركي المناهض للتعذيب يمكن ان يطبق في هذه الحالة وايضا قانون عام 2000 وهو قانون السلطة القضائية على العمليات العسكرية في الخارج والذي يعطي المحاكم الاميركية اختصاص النظر في جرائم ارتكبها حراس امن مدنيون يعملون مع الجيش الاميركي في الخارج.
وقال اشكروفت "سنتحرك بناء على ذلك" حين يصبح لوزارة العدل السلطة القضائية وحين تحدث انتهاكات للقانون الاميركي.
ومن المتوقع ان يتعامل النظام القضائي في الجيش الاميركي مع غالبية حالات
الانتهاك التي حدثت في العراق لكن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أحالت حالة واحدة بالفعل إلى وزارة العدل.
وقال مسؤول في الجيش الاميركي ان الواقعة متعلقة باقدام حارس امن خاص عمل مع وكالة المخابرات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه) لاستجواب المعتقلين على قتل أحد السجناء في سجن أبو غريب على مشارف العاصمة العراقية بغداد.
ورفض اشكروفت التعليق على أي قضية أحالتها وزارة الدفاع أو أي جهة حكومية أخرى إلى وزارته.
وقال مسؤول في السي.اي.ايه ان المفتش العام للوكالة يحقق في وفاة ثلاثة سجناء استجوبهم ضباط الوكالة في العراق وافغانستان.
كما رفض اشكروفت التعليق على أي اتهامات محددة قد توجه رسميا كما رفض التعليق على وجود تحقيق منفصل تجريه وزارة العدل.
وقال "فيما يتعلق بحالات تقع داخل اختصاصنا سننظر في الادلة ونتصرف وفقا لها.
"نحن بالقطع مصدومون من سلوك ينتهك حقوق المحتجزين وسنتخذ الإجراء الذي يتناسب مع السلطة القضائية لوزارة العدل".
وقال اشكروفت مثله مثل باقي مسؤولي ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش انه "صدم وروع" من صور انتهاكات حقوق السجناء العراقيين.
واضاف "بعد كل شيء.. هدف تدخلنا في العراق هو تفادي الوحشية وتغيير الوضع
الوحشي والخطر لنظام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين"—(البوابة)—(مصادر متعددة)