على سرعة 40 لـ محمد هديب

تاريخ النشر: 03 سبتمبر 2012 - 03:00 GMT
هديل الحمام هو ذاته
هديل الحمام هو ذاته

في ديوان محمد هديب الذي صدر عن دار فضاءات للنشر والتوزيع بالأردن، تسير بعض نصوص الشاعر على سرعة 40، وهي السرعة التي حددها لها كاتبها، إلا أن اغلب نصوص الديوان تخرج عن محددات الشاعر وتتجاوز ما توقعه لها حين عصفت به ريحها؛ فتخرج عن نطاق أوزون المرئي والمسموع والمحسوس، وهناك تقيم علاقتها الخاصة مع أرواح قرائها الذين تفتيهم حين يستفتونها في مراوغة لا يصلح معها الإيقاع العادي؛ فنصوص تجاوزت سرعة المتوقع بإمكانها أن تؤسس، وببساطة، مفارقاتها الحادة حتى على أرصفة الاصطفاف للسيارات والسابلة والخيالات.

ومن هنا بالإمكان ترك السؤال معلقا: تلك القصيدة الطائرة؛ ماذا أراد قائلها؟ إذ في الشعر: هل يصح سؤال من هذا النوع، خصوصا مع شاعر له أداته الخاصة في السرد، والسرد الساخر بالذات، وهنا يكمن جزء من فرادة هذه النصوص؛ إنها نصوص "فوساوية"؛ (حيث الفوسا: حيوان يعيش في مدغشقر فقط ويتغذى على قردة الليمور وهو خطير لسرعته) تثبت تمايزها من خلال انطوائها الذي لا يشف عن ضعف بل انطواء يرادف الانعزال الإرادي؛ ما يجعلنا أمام نصوص" اعتزالية" لا "انعزالية"؛ تؤسس لوجودها الخاص بين كل ما نشر وينشر في باب الشعر من خلال عين تتسم بالجماعية، عين الشاعر الغنائية، عين الشاعر السارد؛ عين الشاعر الساخر.

ومن تلك العين التي تلمع لا يرى القارئ غير فوضاه واستقراره، ما أراده هو، وما أراده صاحبها وما لم يرده الاثنان؛ وهل أراد هديب غير تلك الفوضى التي تكشف عن استقرار ماض في انهزامه، فكتب وهو يهش بعصاه على الناس، وقدمه على حجر يكاد ينزلق، وكانت قصائده تتسلق الشجر في مطاردة ليمور الوجود وهي تضحك وتبكي.

من قصيدة "هو ذاته"

هديل الحمام هو ذاته

في الزقاق المعتم

في موعد مخطوف

بين مراهقين

تحت قميص الغيمة الرمادية

وقرن الخروب الحائل

شِقّا سفرجلة عند اللقاء

شِقّا دراقة عند الرحيل

والهديل ذاته لا يكفّ عن الدوران

حين ترتعش ورقة الجريدة

في عِرق الحائط

وحين يلفّون القتيل

بملاءة لاهثة

حين تئنُّ عروق الدالية

وتواصل دودة العنب

نومَها الأخضر

ضم الديوان النصوص التالية: الرسام الانطباعي، التشيلو، طريق أولى، على سرعة 40،دائماً، شمس مريضة، في الجبل الشمالي، المحبُّ الفذّ، كما أنه، حلم واحد، الثامنة والربع، لصاحبته الوحيدة، خروجاً من "حدائق الأزاهر"، بنفسجة، بنفسج غير أضافي، الأعلى، زهرة العنبر، الراعية، البعيد، طريق أطول، الكائن يُصيخ، قُبّعة الصوف، أقمار واضحة، أرني يديك، لم أنتبه، قصة قصيرة، الكهل، أزرق ترابي، الفارس، صورة مجعلكة، من شرفة المطعم، كَسْر طويل، هو ذاته، الأحمر، مقامرة، المفازة، الشيطان، وقفة، الواحدان، لا أريد، ولا أريد، الرسائل، كلنا، المسافة، كما هي، اخيراً، أيها السيل، غسيلنا، المصابيح، بوصلة.

يقع الديوان في 224 صفحة من القطع المتوسط، وصم غلافه الفنان نضال جمهور، وزينته لوحة الفنان القطري علي حسن، وخطوط الفنان السوري عبيده البنكي

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن