عثمان الخميس ينكش عش الدبابير

تاريخ النشر: 30 أكتوبر 2022 - 08:49 GMT
عثمان الخميس

البوابة- خاص: نكش الداعية الكويتي المتشبث بتلابيب التسلف الإسلامي عثمان الخميس، عش دبابير حين اطلق بالأمس القريب واحدة اخرى من فتاواه التي تعبر عن نظرة متزمتة حيال النساء.

للأمانة، فان الشيخ عثمان الخميس، الذي يعد حاليا رمزا لاخر معاقل تيار المتسلفين (وليس السلفيين على اطلاقهم) في الكويت، والخليج عموما، لم يخرج في فتواه التي جاءت خلال حديثه الاسبوعي على شاشة قناة "المجلس"، عن خط تياره الذي يشيطن المرأة "تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان"، لكن جريرته انه اختار زمنا غير مناسب لإطلاقها.

انه زمن الانترنت ومواقع ومنصات وتطبيقات التواصل، التي تشغل فيها النساء حيزا يناهز، ان لم يكن يفوق، ما يشغله الذكور، ويجدن فيها متنفسا يعبرن من خلاله عن وارائهن ولواعجهن في مساحة من الحرية أرحب مما يتيحه واقعهن المقموع.

ومن الطبيعي ان يواجه الشيخ عثمان الخميس، وأي داعية آخر غيره ممن يُنصبون انفسهم اوصياء على دين الناس، عاصفة غضب واستهجان حين تبدر منه ادنى محاولة لحرمان النساء من فردوس الحرية النسبي هذا، وردهن الى اصفاد فضيلة مزعومة أقصى غايتها حعلهن جواري ورقيقا للرجال، تحت طائل اللعن من السماء ان تمردن!.

 

فتوى وهجوم وتحد

الشيخ عُثْمَانْ بن مُحَمّدْ بن حَمَدْ بن عَبْدِ الله بن صَالِحْ بن مُحَمّدْ الخَمِيْسْ النَاصِرِيْ التَمِيْمِيْ، والذي تصفه سطور في ويكيبيديا أملتها ايدي اتباع مريدين، بانه فقيه ومحدث، أفتى بعدم جواز ظهور صور النساء في مواقع التواصل ولو غطين شعورهن، اي حتى لو كن "محجبات".

""احدى التغريدات التي ترد على فتوى عثمان الخميس
احدى التغريدات التي ترد على فتوى عثمان الخميس

 

وعاد وكرر بكل ثقة ليسمع من لم يفقه: "لا يجوز للمرأة أن تضع صورتها على تويتر والانستغرام وواتساب وفيسبوك"، وسواها من المنصات التي له فيها وفي غيرها من امثالها حسابات رسمية موثقة.

أما لماذا؟ فلأن المراة "تفتن" بحسب الشيخ الذي عاد وكرر انه "لا يجوز ان تكون المرأة سببا لفتنة غيرها" ودعا النساء الى ان يتقين الله.

وكما اتضح، فإن الشيخ ذو المظهر الوقور لا يعدم الفطنة، فهو لم يغامر بتحريم ظهور صور النساء في هذه المنصات والمواقع. واللبيب بالاشارة يفهم المرامي والاسباب. رغم ان المتسلفين عموما لا فارق كبيرا عندهم بين عدم الجواز والتحريم.

الشاهد -كما درج عليه المتسلفون في استهلالاتهم-  هو ان فتوى الشيخ عثمان الخميس هذه ألّبت عليه جموعا من النساء ومعهن مناصرون من الرجال، وحشود ممن انتفضوا بدافع معاداة السلفيين عموما.

ردت مغردات على الخميس بنشر صورهن سافرات مع نص فتواه، في بادرة تحد اردن منها تاكيد قناعاتهن بان "كشف وجه المرأة ليس حراما"، وقارنت اخريات بين ما اعتبرنه تناقضا صارخا مع موقف الاسلام الذي يجيز للمرأة كشف وجهها في الحرم المكي الذي يعد أقدس بقاع الدنيا عند المسلمين، والأولى بها تغطيته ان كان في ذلك مخالفة لشرع الله.

وغيرهن استهجن ما اعتبره فتاوى غير مؤصلة بصورة حاسمة ولا غاية منها سوى مخالفة سيرورة التاريخ والحضارة التي باتت مواقع التواصل من ضروراتها ومسلماتها لاعتبارات لا تحصى وحاجات لا يمكن من دونها ان تقضى.

مريدو عثمان الخميس يتولون الرد بالنيابة

من جانبهم، كان مريدو ومشايعو عثمان الخميس قد تريثوا حتى هدأت الهجمة، ولما كان او هكذا خالوا، بادروا بالرد، وبقوة نيابة عن الشيخ الذي لا يزال ملتزما الصمت المطبق حيال ما يتعرض له من هجوم. وفي الوقت نفسه يمضي في اطلاق فتاوى اخرى يؤكد في احدثها أن "بول الذكر نجس ولكن بول الجارية أنجس"!.

فكتب احدهم قائلا للمعترضين على فتوى عثمان الخميس قائلا "مشكلتكم مع الله وليست مع عثمان الخميس"، فيما وصف اخر الشيخ بانه الناطق باسم الاسلام حين كتب يقول انه "عبر عن رأي الاسلام في موضوع صور المرأة"، متسائلا "لماذا يا نساء تشحذن سيوفكن بوجهه".

ورد الأكاديمي والكاتب السعودي تركي الحمد على انصار الشيخ قائلًا: "المشكلة ليست مع الله إطلاقًا.. المشكلة مع المتحدثين عن الله.. المشكلة مع الموقعين عن رب العالمين".

وايضا، كعادتهم، لا يوفر المتسلفون خصومهم من سياط السنتهم، حيث يجلدونهم بها دون مراعاة لحسن الجدال الذي يعظون الناس به، ويتبدى ذلك في تغريدة كتبها احدهم يصف منتقدي فتوى الشيخ بانهم "النسويات وأشباه الرجال"، ونعتهم اخر بانهم "سواقط" و"ساقطات".

ومن بين المعتدلين في الردود من مناصري عثمان الخميس من كتب مغدقا عليه الاوصاف "شيخ فاضل ذو علم فياض وداعيه مقنع  لديه قبول لدي عامه المسلمين وهو علم ما اعلام الاسلام بارك الله فيه ونفع الله بعلمه البلاد والعباد".

وامثال التعليق الاخير كثيرة، ولكن المشترك بينها انها لا تدخل في صلب النقاش، وتكتفي بذكر مناقب الرجل وإغداق القداسة عليه لا اكثر.

سعد الدين الهلالي: هذا رأيك الشخصي

لم يخل الامر من اعلان نساء امتثالهن لفتوى عثمان الخميس، حيث عمدن من فورهن الى حذف صورهن من حساباتهن.

وكما في كل السجالات، تدخل متوسطون لتهدئة المتخاصمين بالقول إن "من يريد الاستماع إلى النصيحة فليفعل ومن لا يريد فهو حر"، قياسا على "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، وكذلك على "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ".

وفي رأي له اعتباره من حيث مقام الشخص الذي عبر عنه، فقد وصف سعد الهلالي، أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر فتوى الشيخ الخميس بأنها تمثل اجتهادا شخصيا "لا يمت للدين بصلة".

وقال الهلالي في تصريحات لموقع "الحرة" قصد بها مخاطبة عثمان الخميس : "ذلك ليس رأي الدين، هذا رأيك الشخصي".

واكد العالم الأزهري المرموق أن مثل هذه الفتوى "لا تدعهما أي آيات قرآنية ولا أحاديث نبوية"، متسائلا عن "الأسانيد التي يتم استخدامها" لإطلاقها.  وخلص الى ان هذه الفتوى وامثالها تعبر عن "الأهواء" وليس عن صميم الدين.