حض الاتحاد الاوروبي الجمعة المسؤولين الليبيين من الاطراف المختلفة على تسريع عملية تشكيل حكومة وفاق وطني، غداة اعتداءين داميين في ليبيا تبناهما تنظيم الدولة الاسلامية.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في تصريحات أدلت بها بعد اجتماعها مع رئيس الوزراء الليبي المقترح فايز السراج في ضاحية قمرت شمال العاصمة التونسية "أوروبا (..) حاضرة هنا لتظهر انها موحدة في دعم الجهود" للتوصل الى حل سياسي.
وستجري موغيريني لقاءات مع مسؤولين ليبيين آخرين من برلماني البلاد، المعترف به دوليا والمستقر في الشرق، والبرلمان الموازي في طرابلس.
ودفعت المخاوف من تزايد نفوذ الجهاديين واقامة معقل جديد لهم على ابواب اوروبا الغربيين الى تكثيف الجهود من اجل جمع طرفي النزاع في حكومة تتولى ادارة شؤون البلد الغارق في الفوضى منذ سنوات.
وتبنى تنظيم الدولة الاسلامية الجمعة تفجير الشاحنة المفخخة الذي اوقع اكثر من خمسين قتيلا الخميس في مركز لتدريب الشرطة في مدينة زليتن على بعد 170 كلم شرق طرابلس الخميس.
وقال التنظيم في بيان موقع من "ولاية طرابلس- الدولة الاسلامية" ان الانتحاري الذي قام بالتفجير يدعى عبدالله المهاجر. وتوعد بان "العمليات لن تتوقف" حتى تتم له السيطرة على "ليبيا بالكامل".
وكان بيان صادر عن "ولاية برقة- الدولة الاسلامية" تبنى في وقت سابق التفجير الانتحاري الذي اوقع ستة قتلى في مدينة راس لانوف النفطية في شرق ليبيا الخميس.
واشار البيان الى ان منفذ العملية هو "الاخ الاستشهادي ابو العباس".
وقتل 55 شخصا في هجوم زليتن في غرب ليبيا، في اكثر الهجمات دموية في البلاد منذ سقوط نظام القذافي في 2011. وتقع زليتن تحت سيطرة سلطات طرابلس غير المعترف بها.
وقتل ستة اشخاص بينهم ثلاثة من حرس المنشآت النفطية وطفل في تفجير راس لانوف التي تقع تحت سيطرة الحكومة الليبية المعترف بها دوليا والتي تتخذ من طبرق في الشرق مقرا.
وتقع مرافىء راس لانوف والسدرة والبريقة في منطقة "الهلال النفطي" على الساحل وهي الاهم في البلاد واساسية لتصدير النفط الليبي. وتتعرض هذه المنطقة منذ فترة لهجوم من تنظيم الدولة الاسلامية الذي يخوض مواجهات مع حرس المنشآت النفطية، ولم ينجح في التقدم اليها.
واستغل نظيم الدولة الاسلامية انتشار الفوضى في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي، ليتمركز في البلاد. وقد تبنى اعتداءات دامية عدة في الاشهر الماضية.
- انقسامات كبيرة-
الا ان العنف المتمادي في البلاد لا يؤثر على مواقف الاطراف الليبية المتنازعة.
وقال الخبير في اغلشؤون الليبية محمد الجارح انه رغم الخطر الذي يشكله تنظيم الدولة الاسلامية "تبقى مختلف المجموعات السياسية مركزة على الصراع على السلطة".
ووقع اعضاء في البرلمانين الليبيين المتنافسين في 17 كانون الاول/ديسمبر 2015 اتفاقا برعاية الامم المتحدة. ومن المقرر ان يتم التصديق على الاتفاق قبل 17 كانون الثاني/يناير الحالي، لكن العراقيل لا تزال كثيرة امام ذلك وبينها خصوصا اقناع المعارضين له في كل معسكر.
ويعارض رئيسا البرلمانيين الاتفاق الذي تم توقيعه في المغرب وينص على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ونقل المبعوث الخاص للامم المتحدة الى ليبيا مارتن كوبلر تشديد المجتمع الدولي على ضرورة ان يعمل الليبيون على "التوحد بشكل عاجل لمحاربة الارهاب".
ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون برلماني ليبيا الى دعم اتفاق الوحدة الوطنية.
وقال "الوحدة هي افضل طريقة لليبيين لمواجهة الارهاب بكل اشكاله".
وقالت موغيريني الجمعة "مع الاتفاق السياسي (..) وحكومة الوحدة التي سنشكلها قريبا، سيصبح بامكاننا اخيرا تعزيز الوحدة بين الليبيين ومحاولة محاربة الارهاب مع القوات الليبية".
ويخشى الغربيون ان يعزز تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر حاليا على شريط ساحلي حول مدينة سرت (450 كلم شرقي طرابلس)، نفوذه وموارده المالية من خلال السيطرة على قطاع النفط، وبالتالي ان ينجح في زعزعة الاستقرار في افريقيا الجنوبية، واستخدام المنطقة لنقل الجهاديين الى اوروبا، عبر سلوك طريق المهاجرين في المتوسط.
وقال الباحث كريم بيطار "اصبح الوضع في ليبيا مثيرا للقلق الشديد، إذ نرى اعادة انتاج للسيناريو العراقي والسوري مع تنظيم الدولة الاسلامية الذي يستفيد كثيرا من الفوضى وانهيار السلطة المركزية والحروب بالوكالة".
واضاف محذرا "ان قيام حكومة وحدة وطنية بات امرا ملحا، لكن الوضع بلغ حدا من التدهور وسط تعدد حالات الارتياب المتبادلة، ما يجعل نجاح خطة الانتقال السياسي غير اكيد رغم الضغوط الدولية".
واشار الجارح الى ان هجمات تنظيم الدولة الاسلامية على "الهلال النفطي" ادت الى "تاجيج العداوة والارتياب" بين قائد حراس المنشآت النفطية ابراهيم الجضران وقائد القوات الموالية للحكومة في الشرق اللواء خليفة حفتر.
وقال الجضران، منتقدا عدم تحرك حفتر في مواجهة هجوم تنظيم الدولة الاسلامية الاخير، ان "حفتر وتنظيم الدولة الاسلامية وجهان لعملة واحدة".
وتعتبر اقامة حكومة وحدة وطنية امرا ضروريا لتوفير اطار قانوني لتدخل عسكري دولي محتمل ضد المتطرفين الاسلاميين.
واعلن العديد من الدول الاوروبية وبينها ايطاليا، استعداده للمشاركة في عملية عسكرية في ليبيا يمكن ان تاخذ شكل غارات جوية كما هو الشان في سوريا والعراق.