صحافة الانترنت في الاردن..من التوهج الى الافول!

تاريخ النشر: 19 سبتمبر 2012 - 12:19 GMT
حتى الفضاء الالكتروني يمكن ان يضيق
حتى الفضاء الالكتروني يمكن ان يضيق

البوابة- بسام العنتري

اعلنت المواقع الاخبارية الاردنية "العصيان الالكتروني" من داخل خيمة اعتصام اقامتها احتجاجا على قانون المطبوعات الجديد الذي يؤذن على ما يبدو بافول عصرها بعد ازدهار لا نظير له في العالم العربي.

وصدرت الاثنين إرادة ملكية بالموافقة على القانون المعدل بعدما اقره مجلسا النواب والاعيان اللذان يشكلان غرفتي البرلمان الاردني.

وقالت الحكومة في مبرراتها لتعديل القانون انه يهدف الى تنظيم عمل المواقع و"وقف الاساءات و الشتائم التي تسيء لقيم و اخلاق المجتمع الاردني" والتي ترد في بعضها، بحسب ما جاء على لسان وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال سميح المعايطة.

وتتهم اوساط الحكومة بعض هذه المواقع باستغلال هامش الحرية من اجل ممارسة الابتزاز السياسي والمالي واغتيال الشخصية، والاساءة الى رموز الدولة.

ولكن خبراء في الاعلام يرون ان اثار القانون الجديد ستتجاوز ضبط المواقع التي يبلغ عددها الاربعمائة، وستتسبب على الارجح باغلاق غالبيتها الساحقة.

وتوقع احد هؤلاء الخبراء ان يتقلص عدد المواقع الى عشرين مع انتهاء فترة السماح التي حددها القانون لهذه المواقع من اجل توفيق اوضاعها مع القانون الجديد، والتي تمتد الى ثلاثة شهور.

ومعظم المواقع التي تمتعت حتى الان بحرية مرتفعة نسبيا قياسا بوسائل الاعلام الاخرى في البلاد، غير مسجلة لدى اي جهة رسمية في الاردن، والكثير منها من دون عنوان معلن عنه، وتعمل من خلال البيوت واحيانا المقاهي.

وقد جاء القانون الجديد ليلزم المواقع الالكترونية التي تتعاطى بنشر المواد الصحفية ذات العلاقة بالشؤون الداخلية أو الخارجية للأردن، بالتسجيل في دائرة المطبوعات والنشر.

كما انه اشترط لتسجيل الموقع أن يكون له رئيس تحرير عضو في نقابة الصحفيين وعنوان ومقر معلن عنهما.

ومنح القانون مدير عام دائرة المطبوعات والنشر حق حجب المواقع الالكترونية التي تبث من الخارج إذا خالفت القانون.

واثار منح سلطة حجب المواقع الخارجية لدائرة المطبوعات مخاوف وتساؤلات بشان مصير مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر، وايضا المواقع العالمية الشهيرة.

وقد سارعت الحكومة الى تبديد هذه المخاوف، حيث اعلن وزير التنمية السياسية نوفان العجارمة ان القانون يعنى "فقط بالمواقع الاخبارية التي تتناول الشان الاردني وذات الهوية الاردنية..ولا يعنى بالمواقع التي تبث من خارج الاردن ولو تناولت مواد صحفية في الشأن الاردني".

وكانت المواقع قد خاضت معركة شرسة، ولكنها خاسرة، ضد القانون منذ ارساله من قبل الحكومة الى البرلمان وحتى المصادقة عليه.

وتضمنت هذه المعركة حشد الراي العام والمنظمات التي تعنى بالحريات والاعلام، وكذلك مسيرات ووقفات احتجاجية، واخيرا خيمة اعتصام اقيمت قرب صحيفة "العرب اليوم" التي خاض مالكها السابق معركة مع الحكومة كانت خاسرة ايضا.

ومن الخيمة، اصدر المجتمعون الذين يمثلون "تنسيقية المواقع الاخبارية" و"جمعية الصحافة الإلكترونية" و"جمعية ‏الكتاب الإلكترونيين"، بيانا تعهد بمواصلة المعركة ضد القانون.

وجاء في البيان ان المجتمعين قرروا "إعلان العصيان الإلكتروني في الأردن، تعبيرا عن رفض تعديلات قانون المطبوعات والنشر، التي تم ‏اقرارها على نحو مخالف للدستور، يستهدف الهبوط بسقف الحريات الإعلامية، والإمعان في التعتيم على قضايا ‏الفساد، ونشاط الحراكات الشعبية المطالبة بالإصلاح السياسي".‏

كما تقرر "تشكيل تحالف مدني مناهض لقانون المطبوعات والنشر المعدل" و "البدء فورا في جمع التوكيلات القانونية لغايات الطعن القضائي بعدم دستورية" تعديلاته.‏

وطالب البيان "العالم الحر، والمؤسسات الدولية المعنية بالحريات الإعلامية، بإعلان دعمها العلني للإعلام ‏الإلكتروني الأردني، الذي يتعرض الآن لأخطر هجمة حكومية منذ ميلاده، والضغط على الحكومة الأردنية التي تقود ‏هذه الهجمة".

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد انتقدت القانون ووصفته بانه يهدد حرية التعبير على الإنترنت.

وقال كريستوف ويلكى، باحث أول في هيومن رايتس ووتش: 'لطالما فرضت الحكومة الأردنية قيوداً على كيفية تعبير الأردنيين عن آرائهم وأفكارهم. وها هي تحاول الآن مد هذه القيود إلى التعبير على الإنترنت'.

وعلى صعيده، فقد اعتبر مركز حماية وحرية الصحفيين ان القانون "يسيء لسمعة الأردن ويضر بصورته" وحث "الاعلاميين على الاستمرار في رفض هذا القانون وعدم الانصياع له".

ودعا الرئيس التنفيذي للمركز نضال منصور "للعصيان الالكتروني والى رفض الامتثال لهذا القانون العرفي.. وكل المواقع الالكترونية الى رفض الترخيص كخطوة في مواجهة الاجراءات الحكومية التي ستتخذها ...."

كما انتقدت اوساط سياسية وحزبية اردنية القانون.

وقال حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسي لحركة الاخوان المسلمين، ان الحكومة تريد من هذا القانون "تكريس مزيد من القيود والعقوبات على الصحافة الإلكترونية، مما يؤكد الطبيعة الأمنية للنظام والسياسة المستقبلية في ظل انسداد أفق الإصلاح".

ومن جهته، قال حزب الجبهة الاردنية الموحدة في بيان انه "اذا كانت الحكومة مصرة على تكميم الافواه فالحل هو أن تلغي الإنترنت نهائيا وان تغلق شبكة الاتصالات وتلغي الهواتف الخلوية وتمنع دخول كل أشكال تكنولوجيا نقل المعلومات".

وكتب هاشم الخالدي ناشر موقع سرايا الذي يعد من اهم المواقع الاخبارية الاردنية، واصفا حالة صدمة قال انها اعترت الصحفيين العاملين في المواقع بعد اقرار القانون.

وقال "ثمّة ذهول أشاهده على جباه الصحفيين الذين تنتظرهم منذ اليوم مقاصل الغرامات المالية والتهديد بالحجب والإغلاق لمواقعهم بعد أن وصل الأردن مراحل متقدمة في صناعة الاعلام الالكتروني".

واضاف "هذا زمن الانحطاط الذي تضطر فيه بعض المواقع الالكترونية للتفكير بهجرة هذا الوطن"، في اشارة الى ان العديد من المواقع باتت تدرس جديا الانتقال وتسجيل نفسها خارج الاردن هربا مما تعتبره قيودا خانقة يفرضها القانون علي حريتها.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن