لم يترك العلماء والمشايخ شاردة او واردة من شؤون الدنيا والاخرة الا وقتلوها بحثا ودرسا ومناظرة، ومن ذلك الرقص والراقصات، ممن افردوا لهن فتاوى تكاد من كثرتها تصلح لان يخصص لها باب في الفقه واحكامه.
وكما في كل شأن تقريبا من شؤون الدين والعقيدة، فان اول ما يطالعك هو "اختلاف" الفقهاء عند البحث في حكم الرقص والراقصات واحوالهن وانوائهن ومآلاتهن.
وعلى هذا النهج، يقول موقع "اسلام ويب" في مستهل محاولته الاجابة عن حكم الشرع في هذا النوع من الفن: "اختلف الفقهاء في حكم الرقص عموما".
ويضيف ان "الراجح عندنا كراهته إذا سلم من المخالفات الشرعية كالغناء المحرم وآلات الموسيقى وكشف العورات والتثني والتكسر المثير للشهوات".
ويستشهد الموقع بالموسوعة الفقهية الكويتية التي تقول ان "الحنفية والمالكية والحنابلة والقفال من الشافعية (ذهبوا) إلى كراهة الرقص معللين ذلك بأن فعله دناءة وسفه، وأنه من مسقطات المروءة، وأنه من اللهو".
ثم يورد فتوى للشيخ ابن العثيمين حول ما اذا كان يجوز الرقص والطرب للنساء؟، حيث يقول ان "الرقص مكروه".
ويضيف الشيخ قائلا "كنت في الأول أتساهل فيه، لكن سئلت عدة أسئلة عن حوادث تقع في حال رقص المرأة فرأيت أن أمنع منه، لأن بعض الفتيات تكون رشيقة وجميلة وخفيفة ورقصها يفتن فتفتتن النساء بذلك، حتى إنه بلغني أن بعض النساء إذا حصل مثل هذا تقوم وتقبل المرأة التي ترقص وربما تضمها إلى صدرها ويحصل بهذا فتنة".
ويختم العثيمين فتوى قائلا "ولهذا كنت أخيراً أقول: إنه ممنوع. والله أعلم".
هل من توبة؟
يرد الى موقع "الاسلام سؤال وجواب" استفسار يقول مرسله "أنا شاب مسلم سني تعرفت على فتاة مغربية وكانت تعمل راقصة ومن خلال محبتنا أجبرتها على ترك الرقص ووضع الحجاب وقد امتثلت لذلك وهل إذا تزوجتها أعتبر من ديوثاً أو لا يوجد حرج في ذلك ؟".

ويأتيه الجواب من الموقع بعد حمد الله والصلاة على الرسول وعلى آله وصحبه بأن "غالب الراقصات اللائي يظهرن مفاتنهن وعوراتهن أمام الرجال لا يسلمن من الوقوع في الفاحشة، والمسلم مطالب باختيار الزوجة الصالحة التي يأمنها على نفسها وولده، إذ المرأة الفاجرة لا تؤمن أن تفسد فراش زوجها، وتدخل في نسبه أجنبياً عنه إذا تزوج بها".
ويضيف انه "إذا تابت هذه المرأة توبة نصوحاً، وظهر صلاحها والتزامها بأحكام وآداب الإسلام، فلا حرج عليك في الزواج منها لأن التوبة تَجُبُّ ما قبلها، ولا تعتبر بزواجك منها ديوثاً لأنها قد تابت".
صلاتها صحيحة
يقول الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من علماء الأزهر الشريف، إن صلاة الراقصة، صحيحة، شأنها شأن صلاة السارق وشارب الخمر.
ويوضح الجندى الذي كان يتحدث في برنامج تلفزيوني "لو جاللك شارب خمر وبيصلى تقوله بطل تصلى ولا تنصحه بعدم شرب الخمر، أورقاصة بتصلى تقولها بطلى صلاة، أو سارق، لا تنهاه عن الصلاة ونبطل نقول هتنفعك بإيه الصلاة، دى ممكن تنهاه عن اللى بيعمله".
واكثر من ذلك، فقد أفتى الشيخ العلامة الدكتور على جمعة مفتي مصر بجواز صلاة المرأة ببدلة الرقص وذلك من مبدأ العمل بمقولة ( ساعة لربك وساعة لقلبك )
صيام وحج واحكام اخرى
في رده على سؤال حول حكم صوم الراقصات؟ يتشنج الداعية الإسلامي صفوت حجازي ويرد مباشرة "بالقطع صيامها لا يجوز فكيف تصوم الراقصة بالنهار وتتعرى بالليل وكما قال رسولنا الكريم رب صائم ليس من صيامه إلا الجوع والعطش".

لكن دار الإفتاء المصرية تقول: «بالنسبة لقبول الصيام لمن يرتكب بعض اللهو فالصيام لله وهو يجازي به، ففرق بين سقوط المطالبة وبين الثواب، فالعاصي في رمضان مادام قد استوفى أركان الصيام فقط أسقط عن نفسه الفريضة، بمعنى أنه لا يحتاج للقضاء، لكن لا ثواب له بقدر ما ارتكب من معاصٍ.. والله سبحانه وتعالى أعلم".
اما من حيث فريضة الحج، فهناك شبه اجماع على انه يجوز لها الحج، ولكن الخلاف هو حول ادائها الفريضة مما كسبتها من مال من الرقص.
وفي هذا يقول الداعية الإسلامى الدكتور حذيفة المسير إنّه "إذا أدّت الراقصة فريضة الحج من أموال الرقص دون توبة، وفى نيتها أن تعود للرقص مرة أخرى بعد أداء المناسك، فإنه لا ثواب لها".
وتابع: "الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، والنبى محمد صلى الله عليه وسلم قال إنّ الرجل يطيل السفر ويرفع يديه إلى السماء، ومطعمه من حرام وغذى من حرام فأنى يستجاب له".
وفي شأن قريب، يفتي موقع "اسلام ويب" بان "ما يأخذه المغنون والمغنيات وأشباههم من المال المكتسب من الغناء والرقص، وما يتصل بهما من منكرات، مال حرام، لخبث وحرمة الوجوه المكتسب بها".
لكن الموقع يورد فتاوى متعارضة ومتضاربة، وبعضها غامض حول جواز التصدق من هذه الاموال في سبيل عمل الخير.
الراقصة شهيدة؟
يؤكد استاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر الدكتور سعد الدين هلالي ان الراقصة تعد 'شهيدة' إذا نزلت للتظاهر ضد الفساد أو الظلم، أو كانت ذاهبة إلى عمل خير ثم غرقت أو حرقت أو انهدم عليها جدار، أو طعنت بآلة حادة أو قتلت بطلق ناري.
ويضيف الهلالي: 'هذا ليس من اجتهادي بل من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما ذهب لزيارة عبادة بن الصامت في مرضه فسأل صحابته عن مفهوم الشهيد، فقالوا: من قاتل حتى استشهد، فقال النبي: إذن شهداء أمتي قليل، ورد عليهم بأن المطعون شهيد والمبطون شهيد والغريق شهيد وقتيل الهدم شهيد'.
وأضاف ' أما إذا كانت الراقصة ذاهبة لأداء عملها بالرقص ثم لقيت حتفها، فإنها لا تندرج تحت مسمى الشهداء، باعتبار أن الرقص حرام شرعا، وإن كانت معصية الرقص من وجهة نظر هلالي أقل من معصية الغيبة وقول الزور وشهادة الزور'