زوجان صمدا على خط التماس في حلب لـ 4 سنوات: أكلنا الأعشاب

تاريخ النشر: 10 ديسمبر 2016 - 07:20 GMT
دأب الزوجان خلال سهراتهما الوحيدة والحزينة على استعادة الذكريات قبل الخلود الى النوم
دأب الزوجان خلال سهراتهما الوحيدة والحزينة على استعادة الذكريات قبل الخلود الى النوم

صمدت نجاح وزوجها الثمانيني لاكثر من اربعة اعوام في منزلهما الواقع على خط تماس في مدينة حلب السورية، متحملين القصف والمعارك العنيفة. ومع استعادة الجيش السيطرة على الحي حيث يقيمان، يكاد الزوجان لا يصدقان ان الكابوس الذي عاشاه طويلا قد انتهى.

وفي شارع يحمل اسم "شارع الموت"، بقيت نجاح (65 عاما) مع زوجها محمد اديب حنطاي (82 عاما) داخل منزلهما الواقع على خط تماس يفصل حي الميدان الذي يسيطر عليه الجيش عن القسم الذي تسيطر عليه الفصائل المقاتلة في حي بستان الباشا.

وشهدت المنطقة معارك عنيفة وتبادلا لرصاص القنص قبل ان يتمكن الجيش مؤخرا من استعادة السيطرة على اجزاء كبيرة من شرق حلب، اثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي. لكنهما كانا دائما يحتفظان بأمل ان المعارك ستنتهي ذات يوم.

وتقول نجاح لوكالة فرانس برس بعد انتهائها من تنظيف منزلها "كنا على خط التماس ومحاصرين من الطرفين.. نتلقى الضرب كل يوم من هنا وهناك" مشيرة بيديها الى جانبي الشارع قبل ان تضيف "لكننا صمدنا".

خارج منزل الزوجين، تشهد معالم الدمار الشديد على ضراوة المعارك. معظم الابنية مهدمة والركام يملأ الارصفة. ويلون السواد جدران الابنية الصامدة فيما تتدلى معدات الصحون اللاقطة واجهزة التقاط البث التلفزيوني من السطوح.

في كل ليلة قبل ان تغمض عينيها، كانت نجاح تخشى من سقوط رف موضوع فوق سريرها عليها جراء قوة المعارك.

وتروي السيدة التي ترتدي ثوبا ازرق اللون فوقه سترة بنفسجية "القذائف كانت تكسر ابواب المنزل، لكننا صبرنا بانتظار الفرج".
وتضيف بحسرة "بقينا في المنزل، لم نتحرك ولم يتفقدنا احد" ثم تهمس بحسرة "كل واحد يهتم بحاله".

وعلى غرار اهالي مدينة حلب، كان الزوجان يعيشان بهدوء قبل ان تتحول المدينة الى ساحة معارك بين الجيش والفصائل المقاتلة منذ العام 2012، تاريخ تقاسم الطرفين السيطرة على المدينة.

ويستعيد محمد كيف استفاق مع زوجته ذات يوم ليجدا نفسيهما محاصرين بين طرفي النزاع. ويقول الرجل الذي يرتدي ثيابا شتوية تقيه البرد القارس "فجأة اصبحنا بين نقطتين (عسكريتين) ولم يبق احد سوانا في المنزل".

لا تختلف حال عائلة محمد عن بقية العائلات التي تفرق افرادها خلال سنوات الحرب المستمرة في سوريا منذ اذار 2011.
ويوضح "يعيش ابني مع اولاده الستة في آخر الشارع" تحت سيطرة الفصائل المقاتلة.

وقبل اندلاع النزاع، عمل محمد سائقا لمدة 60 سنة. ويوضح "كل ما جنيته، اشتريت به اثاث المنزل" مضيفا "بقيت هنا لأن اغراضي وأغراض أولادي موجودة فيه".

وتقاطع نجاح زوجها لتقول "بقينا لا لحماية الاغراض فحسب بل لاننا كنا نامل ان لا شيء يستمر للابد".

ولا تتوقف معاناة الزوجين عند هذا الحد، فهما كما سكان الاحياء الشرقية عانا من شظف العيش وقلة الموارد والنقص الحاد في المواد الغذائية بسبب الحصار المفروض وحدة الاعمال القتالية. وتقول نجاح "لم نتمكن من الخروج الا نادرا. كنا نعتاش على ما هو موجود في المنزل حتى نفذت المؤونة".

وتضيف السيدة التي كشفت تجاعيدها عن مشقة الحياة التي عاشتها "اضطررنا لاكل الحشيش والاعشاب التي زرعناها" موضحة "كنت اتبلها احيانا بما يتوفر لدي او اكتفي احيانا اخرى باضافة الملح فحسب".

اما محمد فقد تفنن خلال الحصار في صنع سجائره. ولم يتردد في تجفيف اوراق الشجر وطحنها قبل لفها وتدخينها.

وفي غياب الكهرباء واي مصدر للترفيه، دأب الزوجان خلال سهراتهما الوحيدة والحزينة على استعادة الذكريات قبل الخلود الى النوم.
وتقول نجاح بحسرة "لا شي نفعله في المساء سوى سرد الذكريات الماضية عندما كانت العائلة مجتمعة".