*بقلم / وسام نصرالله
قبل أيام قليلة صادفتنا الذكرى السادسة للعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز عام 2006، والتي حاول من خلالها الجيش الإسرائيلي إنهاء وجود المقاومة اللبنانية ممثلا "بحزب الله"، تحديدا بعد عملية "الوعد الصادق" التي أدت لأسر جنديين ومقتل 8 جنود إسرائيليين خلال الإشتباك الذي تلا العملية.
ورغم كل المؤامرات التي حيكت في الخفاء والعلن من قبل بعض اللبنانيين والعرب، للإلتفاف على المقاومة اللبنانية بسبب ما اعتبرته "مغامرة غير محسوبة دون الرجوع إلى السلطة الشرعية" ودون التنسيق مع الدول العربية، إلا أن الصمود الأسطوري للمقاومة لمدة 34 يوما دحض كل تلك الإدعاءات ومروجيها.
حتى أن الإسرائيليين أدركوا بعد أيام من الحرب أنهم في ورطة كبيرة ليس بمقدورهم حساب مدى تداعياتها على المدى البعيد، سواء على مستوى الجبهة الداخلية الإسرائيلية أو عبر تهديد المصالح الخارجية للدولة العبرية، فتعالت أصواتهم عاليا مطالبين بإيجاد آلية توقف إطلاق النار قبل حدوث المزيد من الأضرار.
وربما للمرة الأولى عبر تاريخ الصراع الإسرائيلي تنكشف حدود القوة الإسرائيلية بالشكل الذي رأيناه خلال حرب تموز، حيث أن المقاومة إستطاعت أن تنهي أسطورة الجيش الذي لايقهر، كما أنها تمكنت من ضرب عمق المدن والبلدات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة عام 1948 بآلاف الصواريخ التي دفعت ملايين الإسرائيليين للإختباء بالملاجىء.
ولم تقتصر حدود مفاجئات المقاومة اللبنانية على إستهداف العمق الحيوي الإستراتيجي لإسرائيل، بل تعداه ذلك لضرب البارجة الحربية الإسرائيلية ساعر خمسة، مما دفع إسرائيل لإبعاد قطعها البحرية عن الشاطئ اللبناني تجنبا لتعرضها لضربات أخرى.
وفي ظل حالة التخبط التي عاشها الإسرائيلي خلال العدوان وفي محاولة منه لتحقيق نصر ولو معنوي، وإستباقا للقرار الأممي رقم 1701 الذي ينص على "وقف الأعمال العدائية" ودخوله حيز التنفيذ بساعات، نفذ الجيش الإسرائيلي أكبر عملية إنزال لدبابات "الميركافا" المتطورة، لكن المقاومة كانت لهم بالمرصاد وفاجأتهم بكمين محكم في "وادي الحجير" نتج عنه تدمير أكثر من 35 دبابة تدميرا شبه كامل ومقتل ما يقارب ال 20 جندي.
واستطاعت المقاومة اللبنانية أن تثبت مرة أخرى مدى نجاعتها ميدانيا في حرب تموز، وفرضت على الإسرائيلي الكثير من القواعد التي لم تكن موجودة سابقا، وأهمها أنه لم يعد بمقدور الجيش الإسرائيلي بدء الحرب وإنهائها كما يشتهي، إضافة إلى أن الثمن الذي ستدفعه إسرائيل جراء أي عدوان على الأراضي العربية سيكون باهظ التكاليف، وليس بمقدور المجتمع الإسرائيلي تحمل تداعياته لاعلى المدى القصير ولا البعيد.
أضف إلى ذلك أن التفوق الجوي الذي تمتلكه إسرائيل، وتعتبره عاملا حاسما ومهما لحسم اي معركة لم يعد كذلك، في ظل إمتلاك المقاومة اللبنانية صواريخ مدمرة ومن مختلف الأحجام والمسافات، وبالتالي أن تكون كل المدن الإسرائيلية والقواعد العسكرية تحت رحمة تلك الصواريخ.
وبالتأكيد بعد مرور تلك السنوات الست على ذكرى عدوان تموز، لم تنس إسرائيل وحلفائها تلك الهزيمة، وهاهم الآن يحاولون القصاص والنيل من المقاومة اللبنانية وسوريا التي دعمتها لسنوات طويلة ولم تبخل عليها بكل أشكال الدعم، ولكن هذه المرة تصفية الحساب يتم عبر أذرع عربية يمولها البترودولار ويشرف عليها حلفاؤهم من الأميركان والصهاينة! .
*صحفي وكاتب متخصص بالشؤون السياسية والدولية