شكل مقتل قائد جيش الإسلام زهران علوش، السلفي المعارض للنظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية، متنفسا لجهاديي “الخلافة” لكن من شأنه أن ينعكس سلبا على محادثات السلام المرتقبة ويعدل من ميزان القوى في ريف دمشق، وفق محللين.
يقول اندرو تايبلر، المحلل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى لوكالة فرانس برس، “شغل علوش مكانا ما بين المتطرفين والجيش السوري الحر، وهذا ما كان ضروريا كونه يحد من توسع تنظيم الدولة الإسلامية على المدى القصير، ويتيح توحد القوى الأخرى في مواجهة النظام على المدى الطويل”.
وحد علوش تحت إمرته عشرات المجموعات المسلحة تحت راية “جيش الإسلام” ليصبح الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية لدمشق. حارب قوات النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية في آن، وقتلته الجمعة غارة للطائرات الحربية السورية استهدفت اجتماعا كان يحضره.
عرف علوش بأفكاره المتطرفة ودعمه لإقامة دولة إسلامية وطالما عبر عن كرهه للشيعة والعلويين، إلا انه حاول مؤخرا تقديم تنظيمه كقوة معتدلة حتى انه وافق على المشاركة في مفاوضات مع النظام السوري.
-عرقلة جهود السلام-
يرى آرون لوند، محرر صفحة “سوريا في ازمة” على موقع مركز كارنيغي للابحاث، ان علوش “حاول آن يظهر نفسه كوسطي، معارض للارهاب (…) هذا النوع من الشخصيات التي تريد ان تراها في حكومة وحدة”، وذلك في مقال نشره موقع الكتروني مختص بالشؤون السورية.
ويعد “جيش الإسلام” من ابرز الفصائل المسلحة التي شاركت في محادثات المعارضة في الرياض في التاسع والعاشر من الشهر الحالي والتي انتهت بتشكيل هيئة عليا للتفاوض مع النظام، الذي يصنف كل الفصائل التي تقاتله بأنها “إرهابية”.
قد يشكل مقتل علوش “ضربة قاسية” للمحادثات المرتقبة بين النظام والمعارضة، التي أعلنت الأمم المتحدة أمس أنها ستبدأ في 25 الشهر الحالي.
وأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا في بيان انه “يجب عدم السماح للتطورات الميدانية المتواصلة بعرقلة إجراء هذه المحادثات”.
إلا أن كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس يرى ان مقتل علوش يعد “ضربة قاسية لمباحثات الرياض، وخصوصا أن السعودية دعمت علوش خلال العامين الماضيين وحاولت تقديمه كبديل بغض النظر عن طائفيته وكراهيته للشيعة والعلويين”.
وليس ذلك فقط، فهناك خشية من ان يؤدي مقتل علوش إلى انسحاب فصائل مسلحة أخرى من عملية السلام.
وبالنسبة لتايبلر فان من شأن مقتله ان “يحبط عزيمة مجموعات إسلامية أخرى عن المشاركة في المفاوضات برعاية الأمم المتحدة”.
-تحول في ميزان القوى-
قاد علوش “جيش الإسلام” بقبضة من حديد حتى ان التنظيم كان يتمحور حوله بشكل خاص. وفي حديث لفرانس برس خلال لقاء المعارضة في الرياض قال عضو المكتب السياسي في التنظيم محمد بيرقدار أن في جيش الإسلام “ثمة رمزية للقائد، تجعل المقاتلين يتبعونه، وهذا أمر غير موجود لدى الكثير من الفصائل”.
ويؤكد محلل الشؤون السورية ايمن التميمي ان “من الممكن ان يشكل مقتل علوش ضربة لجيش الإسلام كون التنظيم تمحور بشكل كبير حوله شخصه، وهذا امر لا ينطبق على فصائل اخرى، مثل حركة احرار الشام” التي فقدت قادة عدة ولكنها بقيت الأقوى في محافظة ادلب (شمال شرق) إلى جانب جبهة النصرة.
وبعد ساعات على مقتل علوش، عين جيش الإسلام أبو همام البويضاني خلفا له، وهو مقاتل يتحدر من أسرة مقربة من جماعة الإخوان المسلمين. وبالنسبة لبيطار فانه “نظرا للطباع السلطوية لعلوش وحكمه القوي، سيحتاج جيش الإسلام إلى الوقت للتعافي من هذه الضربة ولتبرز قيادة جديدة” خلفا له.
وتكمن الخشية في ان يؤدي مقتل علوش وتراجع جيش الاسلام من بعده إلى أن يرى بعض الإسلاميين في تنظيم الدولة الإسلامية بديلا له.
ويقول تايبلر “اعتقد أن جيش الإسلام سيستمر ولكن ضربة عسكرية كهذه قد تدفع بالإسلاميين باتجاه تنظيم الدولة الإسلامية”.
وقد يساهم مقتله أيضا في تعزيز فكرة “الأسد في مواجهة داعش”، يخلص بيطار.
بالإضافة إلى ذلك، فان مجموعات مسلحة أخرى في الغوطة الشرقية، مثل حركة أحرار الشام، قد “تتحرك لتضمن لنفسها موقعا أكثر تأثيرا في المشهد السياسي هناك”، بالنسبة للتميمي.
وتعد الغوطة الشرقية معقل الفصائل المعارضة في محافظة ريف دمشق، وتتعرض باستمرار مع محيطها لقصف مدفعي وجوي مصدره قوات النظام، فيما يستهدف المقاتلون احياء سكنية في العاصمة بالقذائف.
ونجحت قوات النظام الشهر الحالي في استعادة بلدة مرج السلطان ومطارها العسكري في الغوطة الشرقية، بعد ثلاث سنوات من سيطرة الفصائل المقاتلة عليها.
وكتب لوند “في حال اسفر مقتل علوش عن عدم استقرار واقتتال داخلي بين الفصائل المقاتلة او اضعف القيادة في الغوطة الشرقية، قد نشهد تحولا في ميزان القوى في العاصمة السورية خلال الاشهر المقبلة”.

زهران علوش