في الربيع العربي، تتبدل التعابير وتتلون بصبغات دينية لتوافق المفاهيم الاسلامية السلفية.
يسخّرون الدين لمآرب سياسية واجتماعية ، اقل ما يقال فيها انها تعيد المجتمع العربي الى عصر الجاهلية، يوم كان وأد البنات واجباً لأن ما من فائدة من الطفل الانثى. اما اليوم، فهم يهللون لها لأنهم يستعملونها سلعة تجارية يستغلونها وفق ما تدعو حاجاتهم المشبوهة.يحبسونها في المنزل، اذا ارادوا.
يطبقون عليها في المطبخ او في غرفة النوم. يتحكمون بشكلها وشعرها ولباسها.
يمنعون عنها العلم والثقافة لأنهما يفتحان آفاق تفكيرها وذكائها. فمن اجل نصرة المعارضة السورية، بات النكاح ( وعذراً على التعبير) جهاداً في نظر بعض الفقهاء الاسلاميين المتطرفين الذين اصدروا فتاوى مثيرة للجدل ...حتى في الاوساط الاخوانية الاكثر تطرفاً.
فالفضيحة التي اثيرت في تونس في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة انتشر الجدل حيالها كشهب النار، خصوصاً في اعقاب المعلومات عن توجه عشرين مراهقة تونسية الى سوريا لدعم المقاتلين السوريين على اساس فتوى عممها رجال دين يدعمون الجماعات الاسلامية المقاتلة هناك وتقضي بـ " جهاد المناكحة في سوريا".
والفتوى هذه تنص على "إجازة ان يقوم المقاتلون ضد نظام الاسد من غير المتزوجين، او من الذين لا يمكنهم ملاقاة زوجاتهم، بإبرام عقود نكاح شرعية مع بنات او مطلقات لمدة قصيرة لا تتجاوز الساعة يتم على اثرها الطلاق لإعطاء الفرصة لمقاتل آخر بالمناكحة".اما الشروط الواجب توافرها، فتقضي بأن تكون الفتاة بالغة من العمر 14 سنة على الاقل او مطلقة وان تكون متدينة ترتدي النقاب او الزي الشرعي، وفق رسالة وردت على حساب فتاة اردنية على تويتر . وبحسب مصادر من «المجاهدين» الذين شاركوا في الجهاد في سوريا فإن ثلاث عشرة فتاة تونسية توجهن فعلياً إلى أرض المعركة تطبيقاً لفتوى «جهاد النكاح." هذا، فيما نشر على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي فيديو يظهر فيه ذوو فتاة متحجبة تدعى «رحمة» يؤكدون انهم استفاقوا ذات صباح ليجدوا انها غادرت المنزل. وقد علموا بعد ذلك أنها توجهت إلى سوريا لتطبيق «جهاد النكاح»، مع العلم أن عمرها 14 عاماً.
واعتبر والد رحمة التي عادت في ما بعد إلى عائلتها التي تعمدت إبعادها عن الأنظار، أنها ليست متشددة في الدين لكنها خضعت لتأثير زملاء لها في الدراسة عُرفوا بانتسابهم إلى التيار السلفي الجهادي ومن الأرجح إن يكونوا أقنعوها بالسفر إلى سوريا لمؤازرة مجاهديها .كما تناقلت صحف تونسية خبراً مفاده أن شاباً تونسياً طلّق زوجته بعدما ذهبا إلى سوريا الشهر الماضي لـ «يسمح لها بالانخراط في جهاد المناكحة مع المجاهدين» هناك. فمن اجل الترفيه عن المقاتلين السوريين وغير السوريين في ساحة المعركة، ما من ضير في انتهاك اعراض المراهقات العربيات، وتعريضهن لأبشع انواع الاغتصاب بحجة انهن سيكسبن الجنة في ما بعد.
لكن ان تتجرأ امينة تيلر، وهي ناشطة تونسية، ابنة 19 عاماً، وتنشر صوراً عارية لها على الانترنت في إطار نشاطها مع منظمة فيمن النسائية، فهذا فسق ومجون، ويستأهل دعوة من الداعية عادل العلمي، مؤسس "الجمعية الوسطية للتوعية والإصلاح" لجلدها ورجمها حتى الموت. وامينة التي اختفت بعد 48 ساعة من نشر صورها، استدعت ظهور ناشطات اخريات عاريات ايضا دعماً لها، على رأسهن المخرجة التونسية نادية الفاني التي كشفت جزءاً من صدرها وكتبت عليه عبارة كرامة وعلى جبينها كتبت حرية وعلى يدها عبارة "من اجل امينة". هذا، في تونس ، اما في المملكة العربية السعودية، فإن التطور في الفتاوى دخل لغة العصر التكنولوجي. وبات منع الاختلاط بين الجنسين يرادف "تغريف المرأة" اي ابقاؤها في غرفة النوم.
وبات عدم احتجاز المرأة في المنزل يرادف الاتجار بالبشر. فالاجتهادات الاجتماعية في هذا الصدد تشكل رسائل ماجستير في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث اعتبرت رسالة ماجستير عمل المرأة في اي ميدان، اعلامي او اعلاني او مضيفة طيران او موظفة استقبال او حتى محاسبة على "صندوق" في محل تجاري، هو نوع من الاتجار بالبشر. وقال صاحب الدراسة ان الرجال الذين يلتقون المرأة هناك لا يستطيعون وضع حد لتخيلاتهم الفاسقة حيالها، بغض النظر عن تصرفاتها او ملابسها، كما قد يكون صاحب العمل يتعمد توظيفها، بقصد زيادة رأسماله التجاري عبر بيع "صور جسدها الخيالية" للزبائن المحتملين وهذا ما قد يكون اتجاراً بالبشر. وهذا، ما حدا ببعض الظرفاء الى حد القول بوجوب استبدال الموظفات بروبوت نسائي...
شرط الا تضبط " الروبوتة" في خلوة غير شرعية مع "الروبوت" الذكر في مكان العمل. فالتطرف الديني يذهب في الاوساط "الربيعية" الاسلامية الى حدود لا تسمح لأي عودة الى الوراء، خصوصاً ان الكثير من الشباب العربي يتأثر بالشيوخ السلفيين الذين باتوا يتقنون اللعبة العصرية، فيبثون افكارهم ودعواتهم على مواقع التواصل الاجتماعي حيث باتت لهم صفحات رائجة.
فلا رفض وزير الشؤون الدينية التونسي نور الدين الخادمي الفتاوى الجهادية سيفيد، ولا التأكيد الديني ان هذا النوع من الفتاوى يلزم صاحبها فقط...
ولا حتى تبرير الباحثين في الشؤون الاسلامية الذين رجحوا ان يكون القصد من هذه الفتوى ، الفتيات السوريات المقيمات في سوريا اللواتي يستطعن «مؤازرة المجاهدين عبر الزواج بهم لساعات"... وليست العربيات في المطلق.