زيد سفوك-كاتب كردي سوري
أيها الكورد، أنتم جنود تحت الطلب؛ تحتكر القيادة الكردية في أربيل وقنديل القضيةَ الكردية لمصالحهما الحزبية. أربيل بقيادة العائلة "البرزانية"، وقنديل بقيادة عبدالله #أوجلان. فمنذ أن بدأ النظام العراقي السابق والحكومة التركية معأ بحملات القتل والاضطهاد بحق الشعب الكردي، تحوّلت غالبية الكورد الى ثوار للدفاع عن أرضهم وحقوقهم، وظلّ الطابع الثوري من أهم صفاتهم الأساسية وأصبح واقعاً لا مفرّ منه لتعرضهم دوماً للاضطهاد من أعدائهم. وفي الجانب الآخر، افتقدوا العلوم السياسية وممارستها نتيجة السلاح المعلق على أكتافهم جميعاً ووجود القلم بأيدي القلة منهم.
وبالطبيعة الجغرافية القاسية لدولة كوردستان، فإنها واقعة في منطقة إسلامية منقسمة الى قسمين (السنة – الشيعة): إيران من جهة وتركيا من جهة أخرى. ونتيجة استغلال الدين في المنطقة كوسيلة لجمع أكبر عدد من المناصرين واللعب على الوتر الطائفي، أصبح الكورد أمام خيارين فرضتهما عليهم أميركا، وهما تحديد قبلتهم متناسين بأنهم بذلك قد اصبحوا جنوداً للإسلام، وشعاراتهم القومية هي مجرد غطاء لكسب عاطفة الشعب الذي ما زال جاهلاً لا ينظر إلى الحقيقة بتمعن ليكتشف أن قادته هم سلاطين النفوذ والمال وكل ما تراه أعينهم في الاعلام ما هو الا وهم وخيال يدفع ضريبته أبناء الشعب وليس أبناء تلك القيادات. فكوردستان باتت في متاهات المذاهب والطوائف ويتم استغلال الدين للاستحواذ على السلطة والمتاجرة بها.
حدد الرئيس مسعود البرزاني قبلته الطائفيه أثناء زيارته الملكة العربية السعودية في أواخر العام الماضي، ولم يكن هناك عَلم كردي خلف الكرسي الجالس عليه البرزاني مما يدل دون ادنى شك أن محور اربيل اصبح في عباءة الإسلام وكوردستان لا وجود لها. وفي الجهة الاخرى، اكتفى محور قنديل بمحاربة تنظيم "داعش" الارهابي في سوريا وبدعم التحالف الدولي في ظل وجود القوات الايرانية والروسية بالقرب منهم. وذاك الدعم كان على حساب الغاء الصفة الكوردية على قواتهم وتسميتهم بقوات سوريا الديموقراطية، وكأنه محتوم على هذا الشعب ان يكون جنود احتياط يُستدعى بحسب مصالح القوى الكردستانية. فحزب الاتحاد الديموقراطي (PYD ) أصدر قراراً عبر الادارة الذاتية الموقتة في كوردستان سوريا ينصُ على إلزام الشباب بين 18 و30 عاماً بالالتحاق بالخدمة العسكرية وادخالهم في صفوف قواتها. في حين استعمل الحزب الديموقراطي الكردستاني عراق ( PDK ) سياسة ممنهجة، حيث ظلّ الكثير من الكورد السوريين اللاجئين اليها محرومين من الحصول على الإقامات، وتالياً تنحصر حركتهم داخل المخيّمات والنتيجة عدم وجود فرص عمل والاضطرار الى الانتساب لقوات (بيشمركة روج افا) الجناح العسكري لحزب الديموقراطي الكردستاني–سوريا في سبيل تأمين لقمة العيش والحصول على بعض المميّزات، حتى بات أكبر حزب كردي في سوريا لا يملك خمسين عضواً سياسياً من اصل أربعة ملايين كردي موزعين في كل انحاء سوريا.
الصراع في حلقة مفرغة، فمن غير المعقول أن يكون هناك تنظيم إرهابي لا تستطيع كل دول العالم القضاء عليه، وعلى رأسهم الدول العظمى، اي ان إطالة الحرب وتسخير الجميع لحمل السلاح وقتلهم بعضهم بعض هو في النهاية لمصلحة صانعي "داعش" ومموليه؟
ضمن هذه المعادلة، حاولَ البعض اللعب على الوتر القومي واستدراج كم هائل من الأصوات لمصالحه الحزبية، متناسياً أن الأمور أصبحت واضحة على الأرض. فالكورد أصبحوا جنوداً تحت الطلب، يحاربون "داعش" في جميع المناطق ويقدمون خيرة الشهداء. لكنهم بعد الانتصار ينسحبون من تلك المناطق ويذهبون باتجاه اخرى بحسب ما يطلبه الداعمون لهم، وهذا حالهم في سوريا والعراق.
أيها الكورد لا تحملوا القلم وليبقَ السلاح على اكتافكم الى ما لا نهاية طالما أن ثمة من يؤمن الذخيرة والمال لقياداتكم، ولا يستطيع ان يؤمن لكم الحبر لتدونوا حقوقكم في عصبة الأمم.
النهار اللبنانية