خرج آلاف الاتراك الى شوارع اسطنبول الاحد، للاحتجاج على موقف الحكومة من فضيحة فساد أدت الى عدة اعتقالات وكشفت شرخا في العلاقة بين رئيس الوزراء طيب اردوغان ورجل دين ذي نفوذ يقيم في الولايات المتحدة.
ووجهت اتهامات رسمية الى 24 شخصا بينهم نجلا وزيرين والمدير العام لبنك خلق المملوك للدولة فيما يتعلق بتحقيق الفساد الذي وصفه اردوغان بأنه "عملية قذرة" لتقويض حكمه.
ورد اردوغان بأن اقال او نقل الى مواقع أخرى حوالي 70 ضابط شرطة، بينهم القائد القوي لشرطة اسطنبول في حملة متزايدة على القوة التي بدات التحقيق.
واجتذب اردوغان الالاف من المؤيدين المبتهجين اثناء جولة في شمال البلاد الأحد.
لكن في اسطنبول تدفق المتظاهرون المناهضون للحكومة الى ساحة "قاضي كوي"، حيث كان من المقرر تنظيم احتجاج على خطط تمدن حكومية لكن الشرطة فرقتهم الى حد كبير باطلاق قنابل الغاز ومدافع المياه.
وهتفوا أن حزب اردوغان "العدالة والتنمية في كل مكان.. الفساد في كل مكان" في محاكاة لشعار احتجاجات صيفية مناهضة للحكومة تركزت في ساحة تقسيم في اسطنبول "تقسيم في كل مكان .. المقاومة في كل مكان".
ومثلما فعل اردوغان في حالة الاحتجاجات الصيفية التي كانت الاعنف منذ تولى السلطة في 2002 فقد اشار الى وجود ايد اجنبية في الازمة.
وقال اردوغان في مدينة جيرسون المطلة على البحر الاسود اليوم "انهم ينصبون شراكا مظلمة وشريرة في بلدنا باستخدام مخالبهم المحلية لتخريب وحدة تركيا وتكاملها".
وحذا وزيرا الاقتصاد والداخلية اللذان كان ابناهما ضمن 16 اعتقلوا امس السبت حذو اردوغان وقالا عبر موقع (تويتر) ووسائل الاعلام ان المزاعم جزء من "شرك كبير".
وقال شهود ان الحشد في ساحة "قاضي كوي" وصل في وقت ما الى عشرة الاف شخص.
ورفع بيلين دميرجي (26 عاما) لافتة كتب عليها "حزب العدالة والتنمية.. اخرجوا ايديكم القذرة من جيوبنا". وقال إن "هذه العصابة من اللصوص لا يمكن ان تحكم هذا البلد. يجب ان تستقيل الحكومة وان تحاكم كل الايدي القذرة".
وتعتبر الازمة وهي اخطر تحد لاردوغان منذ تولى السلطة قبل 11 عاما نتيجة لشرخ متنام في العلاقة بين رئيس الوزراء التركي وحليفه السابق فتح الله جولن وهو رجل دين له نفوذ كبير في الشرطة والقضاء.
وأحجم اردوغان عن ذكر اسم جولن لكن الخلافات بين الرجلين على مدى سنوات ظهرت للعلن الشهر الماضي بسبب خطة الحكومة لالغاء مدارس خاصة ومن بينها تلك التي تديرها حركة "خدمة" التي يتزعمها جولن.
ولا يوجد تهديد فوري لوضع اردوغان لكن الخلاف قد يساعد في تحديد نتيجة الانتخابات المحلية المقرر أن تجرى في اذار (مارس) القادم.
وساعد جولن حزب العدالة والتنمية ذا الجذور الاسلامية في الفوز بحصة متزايدة من الاصوات في ثلاثة انتخابات متتالية.
وقال رئيس الوزراء ان الحملة على من يقفون وراء تحقيق الفساد ستستمر.
وقال اردوغان اليوم "من يطلقون الافتراءات على وزرائي للوصول الى اهدافهم القذرة .. يجب ان تعرفوا ان هذه الامة ستفسد اللعبة. سنكسر تلك الايدي اذا حاولت نصب شراك في هذا البلد".
وهدد اردوغان بـ "قطع ايادي" خصومه السياسيين في حال استعملوا فضيحة الفساد لضرب حكمه.
وقال "سوف نضع كل شخص في مكانه".
واضاف "كل من يتجرأ على الحاق الاذى وزرع الاضطرابات او ينصب لنا افخاخا في هذا البلد سوف نكسر يديه".
وبدا من حضروا احتجاج اليوم في اسطنبول اكثر انشغالا بمسألة الفساد من الخلاف بين جولن واردوغان.
وقال قادر جيكيج (26 عاما) وهو مهندس يعمل في صناعة السيارات "الناس غير مهتمين بصراع القوى بين اردوغان وخدمة. أهم شيء هو الامساك باللصوص وتقديمهم للعدالة".
واضاف "لا أعتقد ان ايا منهما بريء على أي حال.. لكن هذه العمليات مفيدة جدا بالنسبة لناخبي حزب العدالة والتنمية كي يفيقوا ويروا بعض الحقائق".
وفي الاطار ذاته، اقالت السلطات التركية 25 مسؤولا كبيرا آخر من الشرطة بعد اقالة خمسين في اطار فضيحة فساد تهز تركيا وفق ما افادت وسائل الاعلام اليوم الاحد.
واقر القضاء التركي حتى الان ملاحقة 24 شخصا من بينهم ابنا وزيري الداخلية عمر غولر والاقتصاد ظافر تشاغليان ورئيس مجلس ادارة مصرف "هالك بنكاسي" العام سليمان اصلان ورجل الاعمال المتحدر من اذربيجان رضا زراب.
واطلق رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان الذي اضعفته هذه الزوبعة السياسية المالية التي اندلعت قبل اربعة اشهر من موعد الانتخابات البلدية، عملية تطهير عميقة في الشرطة، وهي قوة كان عززها سابقا للتصدي لنفوذ الجيش واصبح اليوم يأخذ على مسؤوليها عدم ابلاغ وصايتهم السياسية بتحقيق كان يستهدفها.
وافادت وسائل الاعلام عن اقالة ارتان ارجيكتي، قائد شرطة بلدية فاتح المحافظ في منطقة اسطنبول ضمن اخر التنحيات.
وقال اردوغان انه يكافح "دولة داخل الدولة" واعتبر التحقيق حول الفساد بانها عملية قدح في حزبه، حزب العدالة والتنمية الذي يحكم البلاد منذ 2002.
وكان رئيس بلدية فاتح مصطفى دمير من بين الذين اعتقلوا الثلاثاء في اطار التحقيق لكن افرج عنه امس السبت بعد استجوابه.
ووجهت انتقادات الى اردوغان بانه يحاول بطريقة يائسة حماية حلفائه ، وذلك بعد قراره تعيين سلامي التينوك على رأس شرطة اسطنبول رغم انه حاكم غير معروف ولا ينتمي الى هذا الجهاز، ما اعتبر محاولة من جانب اردوغان لوقف التحقيق.
وبعد قليل من توليه مهامه منع قائد الشرطة الجديد الصحافيين من دخول مراكز الشرطة في مختلف انحاء البلاد وفق وسائل الاعلام المحلية