عادت جماعات العنف المتستر بالدين في مصر إلى ممارسة نشاطها بمدينة الأقصر لتكرر ذات السيناريو الذى نفذته قبل ما يقرب من عقدين من الزمان، أحبطت الشرطة المصرية هجوما مسلحا حاول ثلاثة مسلحين تنفيذه في محيط معبد الكرنك بوسط المدينة، قتلت الشرطة أحد المهاجمين وأصابت الثاني، بينما قضى الثالث بعد قيامه بتفجير عبوة ناسفة كان يحملها.
في حين لم يسفر الحادث عن وقوع أية إصابات بين أفراد فوج من السياح الأجانب تصادف وجودههم داخل المعبد وقت وقوع الهجوم.
"اليأس"، الذي اعتبره مراقبون دافعا للجوء جماعات العنف المتسترة بالدين لممارسة نشاطها بالمناطق السياحية، سواء من خلال التخطيط لمحاولة الاقتحام الفاشلة لمعبد الكرنك بالأقصر، أو بقتل اثنين من رجال الشرطة قبل أسبوع بمحيط المنطقة السياحية المحيطة بأهرامات الجيزة.
ويرى المراقبون أن تلك الجماعات تسعي إلي محاولة إثبات الوجود بهذه العمليات إلى محاولة تحقيق صدي إعلامي واسع، وخصوصا على المستوى العالمي، جراء استهداف المناطق السياحية والزوار الأجانب، بعدما تلقت ضربات مؤثرة من أجهزة الأمن المصرية، خلال العامين الماضيين، قامت خلالها تلك الجماعات بتصعيد نشاطها الدموي في مصر، في سيناء وفى العديد من المحافظات المصرية، في أعقاب خروج ملايين المصريين يوم الثلاثين من يونيو عام 2013 ليسقطوا حكم الإخوان المسلمين.
مسميات مختلفة
خلال تلك الفترة ـ وبحسب المراقبين ـ اختلفت الأسماء والمسميات التي كانت تتسمي بها جماعات العنف المتسترة بالدين، ولكن جميعها كانت تنتهج نفس النهج، تستهدف أفراد ومنشآت الجيش والشرطة، وقامت بتنفيذ العشرات من حوادث التفجيرات أوقعت مئات من القتلى والمصابين من رجال الجيش والشرطة، وقام أفرادها بتدمير العديد من المنشآت التابعة للشرطة والجيش، كما استهدفت تلك الجماعات كذلك محاولة عرقلة مسيرة الدولة المصرية عن المضي في تنفيذ خطة خارطة المستقبل التي تم إعلانها يوم الثالث من يوليو عام 2013، بعد إقصاء حكم محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وشملت قائمة الحوادث التي نفذتها جماعات العنف المتسترة بالدين، استهداف العديد من وسائل المواصلات العامة وأبراج الضغط العالي الناقلة للكهرباء على مستوى الجمهورية، ما أوقع العديد من الخسائر البشرية من المواطنين والخسائر المالية الضخمة.
وخلال تلك الفترة، جددت أجهزة الأمن المصرية قواعد المعلومات الخاصة بمتابعة هذه التنظيمات وخلاياها في العديد من المحافظات، وأوقعت العديد من عناصرها ما بين قتيل وموقوف، وأعلنت الأجهزة الأمنية أن كثيرين ممن سقطوا في أيدي الشرطة أدلوا باعترافات تفصيلية عن ضلوع عناصر قيادية تنتمي لجماعة الإخوان بتمويلهم وإصدار التكليفات بتنفيذ الحوادث والتفجيرات، وقال المراقبون أن الأشهر والأسابيع القليلة الماضية شهدت تطورا نوعيا في الملاحقات التي تقوم بها أجهزة الأمن في مواجهة هذه الجماعات، سواء في سيناء أو باقي محافظات الجمهورية، ما أدي إلي فقدانها فاعلياتها وقدراتها، وهو ما أصابها باليأس فجنحت إلى استهداف السياحة والمناطق السياحية أملا في إثارة ضجة واسعة على المستوى الخارجي، لإثارة القلاقل ووضع العراقيل أمام الحكومة المصرية.
تطابق وتشابه
اللافت ـ وبحسب المراقبين ـ أن تشابها وربما تطابقا بين الأجواء الحالية المحيطة بهذه الجماعات وبين تلك الأجواء التي كانت تحيط بها قبل أكثر من سبع عشرة عام، وبالتحديد يوم السابع عشر من نوفمبر عام 1997 ، عندما خطط تنظيم الجماعة الإسلامية لتنفيذ حادث الهجوم الإرهابي على معبد حتشبسوت بالبر الغربي ـ بحسب إصداره بيانا عقب الحادث تحمل فيه المسئولية ـ وأسفر عن مصرع أكثر من ستين شخصا بينهم ثلاثة من المصريين.
في ذلك الوقت كانت الشرطة المصرية قد قطعت شوطا طويلا في ملاحقة العناصر المسلحة الذين تورطوا في تنفيذ العشرات من حوادث العنف أسفرت عن مصرع المئات من المصريين، ونجحت الشرطة في تضييق الخناق على تلك الجماعات فخططت ونفذت حادث استهداف السياح الأجانب بمعبد الدير البحري بالأقصر، وتسبب وقوع عدد كبير من الضحايا الأجانب في ذلك الحادث في حدوث ردات فعل دولية عنيفة بحق الحكومة المصرية حينئذ، وهو ما لم يحدث هذه المرة بعد قيام الشرطة بإحباط محاولة الهجوم على معبد الكرنك بمدينة الأقصر.