المنطقة وطهران في عين العاصفة!

تاريخ النشر: 16 أكتوبر 2011 - 08:44 GMT
عناصر من الحرس الثوري الإيراني في إستعراض عسكري
عناصر من الحرس الثوري الإيراني في إستعراض عسكري

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان

شياطين الأنس ودورهم, في رواية المؤامرة المفترضة, لأغتيال السفير السعودي, عادل الجبير في واشنطن, قد تكون صحيحة, وقد تكون فبركة, ورواية أمنية مخابراتية بارعة, صيغت بعناية, لجهة التوقيت الزمني والاعلام, رغم غموضها وقلّة وشح, ما قيل من معلومات, ازاء تماسك صحة مفاصلها وتفاصيلها, كما آشارت محطة (cnn) في تقاريرها, فهي تؤسس لمسار واتجاه خطير, تتمكن من خلاله وعبره, بعض الأطراف الدولية المتحالفة( واشنطن, باريس, لندن), ازاء اسقاطات فعالياته, ومفاعيله, وتفاعلاته, على المناطق الساخنة في الشرق الأوسط, وتسخين ساحات أخرى, وأقصد الساحة السياسية الأيرانية, لجهة الداخل والخارج الأيراني, وتسخين ساحات دول الجوار الأيراني نفسه, لجهة الدول المطلة على الخليج, وخاصة المملكة العربية السعودية, كل ذلك استناداً واعتماداً, الى فعاليات الحدث الأخير- حدث وحديث المؤامرة المفترضة - لتصفية السفير السعودي, في واشنطن السيد عادل الجبير.

وهل نصدّق ما قاله, وزير العدل الأمريكي هكذا, ودون بحث وتمحيص وربط, للقرائن النسبية والقطعية, لنصل الى أدلة مع الأدلة الأخرى, ونجمعها ببعضها البعض, ودون ذكر أدنى تفاصيل, عن العملية المفترضة, تذكرها لنا الأدارة الأمريكية, لتقنعنا بصحة ما تدعيه؟ على الأدارة الأمريكية, أن تحترم عقولنا, فنحن لسنا سذّج, لدرجة أن تمطى رقابنا كالعوام, خاصةً ولنا تجربة معها, وسابقة خطيرة, وهي "شيطنة" النسق السياسي العراقي السابق, وزعيمه صدّام حسين, فهناك فبركات أسلحة الدمار الشامل العراقية, وشراء اليورانيوم من النيجر, والعلاقات مع تنظيم القاعدة, وأحداث ايلول الأسود الأميركي لعام 2001 م.

ما هي نسبة الصح, ونسبة الخطأ, في سردية رواية, العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, بمخطط المؤامرة الأيرانية - المفترضة, لأغتيال سفير الرياض في واشنطن؟ لماذا تواترت التحليلات السياسية الأمريكية, وعلى ألسنة مراكز الدراسات الأمريكية – الثنك ثانك, بمجرد الأعلان عن مخطط المؤامرة؟ هل تمهد تحليلات مراكز الدراسات هناك, الى صنع خارطة طريق جديدة, للسياسات الخارجية الأمريكية, ازاء الشرق الأوسط ؟ ما هي أوجه كولسات, مخطط المؤامرة المفترضة, وتحت سطح حدثها, ان لجهة الداخل الأمريكي, وان لجهة الخارج الأمريكي؟ وبعبارة أكثر وضوحاً, هل هناك "سلّة" يراد خلقها, عبر متتاليات, هندسة فعاليات, ذرائع عميقة وهادفة, من أجل ايجاد ماكينة سياسية, ومخابراتية, ودبلوماسية, واعلامية بروبوغانديّة, لتوجيه مسارات السياسة الخارجية الأمريكية, لجهة الشرق الأوسط تحديداً, ثم أسيا الوسطى- لجهة القوقاز الجنوبي, وكذلك ازاء الشرق الأدنى, وشبه القارة الهندية؟ هل يمكن اعتبار حديث واشنطن, عن تلك المؤامرة المفترضة, رد فعل مدروس, على الفيتو الروسي – الصيني الأخير, لجهة مشروع القرار المقبور, ازاء الحدث السوري, ولأستهداف دمشق؟ ما هي المزايا التكتيكية والأستراتيجية, التي يمكن أن تحصل عليها, أطراف مثلث حديث المؤامرة:- واشنطن – باريس – لندن, من اكتشاف قد يكون مزعوم لمؤامرة, على حياة سفير الرياض عادل الجبير, مع العلم أنّ تلك الأطراف تسعى وبقوّة, الى اعادة ترتيب الأوضاع الدولية, والأقليمية, بما ينسجم مع مصالح هذا المثلث, وخاصة في منطقة الشرق الأوسط؟ وما هي طبيعة ونوعية, الحبل السري, بين زيارة رئيس الوزراء الروسي - بوتي, الى بكين مؤخراً, ومفاصل رواية المؤامرة الأمريكية؟ هل هي رسالة الى عمليات, تفعيل خط العلاقات الروسية – الصينية, لجهة تداعيات ومخططات واشنطون, من وراء اكتشاف تلك المؤامرة المزعومة, لمزاحمة المحور الصيني – الروسي في مناطق النفوذ, ومجالاته الحيوية, والصراعات الدولية, ومنها الشرق الأوسط, وأسيا الوسطى, وشبه القارة الهندية, والشرق الأدنى؟.

أم من أجل الضغط, على حلفاء واشنطون, من دول الخليج كافة, لجهة القبول الكامل, بدعم أي عمل أمريكي دبلوماسي – مخابراتي - عسكري, ضد ايران, وتوفير كافة السقوف المالية له؟ أم يهدف الى الضغط, المفرط على الأطراف الدولية الحليفة, للولايات المتحدة الأمريكية, لكي تنخرط وتشارك, في مسلسلات العقوبات الدولية, المتعددة الأطراف والمفاعيل, على الجمهورية الأسلامية الأيرانية؟

هل ستنجح ضغوط البروبوغاندا الأعلامية, في تفعيل وتفاقم, الحديث عن تلك العملية, في كسر "شوكة", وجهات النظر الأمريكية المعارضة, لأي عمل عسكري ضد ايران؟ هل حملات التصعيد الأعلامية الأمريكية – الأوروبية – بعض العربية – العبرية, تنجح وتدفع, ازاء بناء المصداقية الأفتراضية, لتلك العملية التصفوية الفاشلة, وبالتالي توفّر مظلات مبررات تصعيد, شدّة التوجهات الأمريكية المعادية لأيران؟.

هل الحديث عن عملية افشال الأغتيال, تسعى للضغط على بعض, الأطراف الأمريكية الرافضة, لقيام الولايات المتحدة الأمريكية, بأي عمل عسكري ضد ايران؟.

انّ ما تنشره وتقوله, بعض مراكز الدراسات الأمريكية, المؤثرة والفاعلة, والمرتبطة في الأيباك وخبرائه, مثل كينيث بولاك, والمحافظين الجدد أمثال مايكل روبين, في واشنطن, والتي تعد صانعة لقرارات الأدارة الأمريكية الحالية, وبعد أن تبنت واعتمدت, سردية وزارة العدل الأمريكية, بأنّها صحيحة مئة بالمئة, أنّه على الولايات المتحدة الأمريكية, أن تقوم وبشكل عميق وقوي, بوضع حد ناري, لتوجهات النسق السياسي الأيراني المتطرف, خاصةً وأنّ الرؤى والتوجهات الأيرانية, في طريقها لتصبح أكثر تهديداً وخطورةً, للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط, وأسيا الوسطى, وفي شبه القارة الهندية, وفي العالم, اذا تباطأت أميركا في علاجها, والرد الحاسم في النهاية, خاصةً وأنّ ايران قد صارت, على وشك الحصول على القدرات العسكرية النووية, وهذا الحد الناري, لا بدّ من التمهيد له دبلوماسياً, وعبر فرض عقوبات على ايران, للوصول الى الخيار العسكري معها.

وفي التساؤلات العصفية الذهنية, رأسيّاً وأفقيّاً, نتساءل التالي: هل الحديث الأمريكي عن مؤامرة, تستهدف عادل الجبير, له علاقة ما, بحجم الضغوط - المفترضة - الأمريكية لجهة الأغرائية منها, والتهديديّة أيضاً على ايران, لأقناعها بضرورات, اجراء ديناميات مراجعة شاملة, لمواقفها الأستراتيجية الداعمة, للنسق السياسي السوري؟ أم له علاقة اكتوارية – سياسية – دفعية, بالأبتزاز الأمريكي, لكل من موسكو وبكين, في مجلس الأمن الدولي – مجلس الحرب, في حالة مثلاً: تم طرح مشروع قرار يدين ايران, ويفرض عليها عقوبات اقتصادية, وعلى بنكها المركزي, يتم مقايضته بمشروع قرار جديد متوازن, تسعى كل من باريس, ولندن, وبرلين, والبرتغال, لطرحه في مجلس الأمن, يستهدف سوريا ونسقها السياسي, عبر الأدانة للعنف, ليشرّع للتدخلات العسكرية؟.

 هل يمكن لنا اعتبار اجتماع, مجلس الجامعة العربية الأخير, على مستوى وزراء الخارجية, بناءً على طلب دول مجلس التعاون الخليجي, لبحث الوضع السوري, بمثابة نتاج تداعيات الحديث, عن تلك المؤامرة لأستهداف عادل الجبير, والذي قد يصار من خلاله, الى تعليق عضوية سوريا في مجلس الجامعة, كما جرى مع ليبيا قبيل احتلالها نيتويّاً؟.

وتشير المعلومات, هناك احتمالات كبيرة, بأن تكون الآيادي المخابراتية الخفية, التي سعت ووضعت, مخطط محاولة تصفية السفير السعودي عادل الجبير, هي ذات الآيادي التي رسمت وخططت ونفّذت, عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان عام 2005 م, وعليه فانّ نتائج وتداعيات تلك العملية, التصفوية الفاشلة, للسفير الجبير في واشنطون, تسعى وتهدف الى تفعيل وتصعيد, حملات بناء الذرائع, والحجج, ان لجهة داخل الحكومة الأمريكية, وان لجهة خارج الحكومة الأمريكية.

ويذهب تيّار المحافظين الجدد في واشنطن, ومعه الجناح اليميني, في الحزب الديمقراطي الحاكم  للقول:- انّ طهران, درجت على القيام, بشن حرب سريّة مخابراتية, مرتفعة الشدّة, ضد أميركا ومصالحها, في مجالاتها الحيوية, وعلى واشنطن العاصمة, الرد عليها وعسكريّاً, خاصةً وأنّ الأستهداف هذه المرة, مسّ العاصمة الأمريكية واشنطن, دي سي, وبالتالي مسّ السيادة الأمريكية, وكان عابراً للحدود الجغرافية, كذلك على واشنطن, تغيير بوصلة, توجهات السياسة الخارجية الأمريكية, بشكل كلي وشمولي, ازاء الشرق الأوسط, وأسيا الوسطى, وشبه القارة الهندية, كمجالات حيوية لأيران, وحلفائها من الروس والصينيين وغيرهم.

وتتحدث المعلومات أيضاً, أنّ الهدف الأستراتيجي الآخر, من حملة بناء الذرائع كنتيجة, "لأفك" المؤامرة المزعومة, هو دفع الأدارة الأميركية لتأجيل, أمر انسحاب و\ أو اعادة انتشار, محلي لجهة الداخل العراقي, وان لجهة الخارج العراقي الأقليمي,  لقوّاتها الأحتلالية من العراق المحتل, بعد رفض حكومة بغداد, زيادة القوّات الأمريكية الأحتلالية, التي يجب أن تبقى لأكثر من خمسة آلاف, مع عدم منح عناصرها الحصانة.

هل يمكن اعتبار, اتمام صفقة شاليط مع حماس, جزء من عمليات "الشيطنة" الأميركية لطهران, والدفع باتجاه عمل عسكري نحوها, مرتفع الشدّة؟ وهل من شأنه أن يقود الدولة العبرية – الكيان الصهيوني, بعمل عسكري خاطف, ضد جنوب لبنان؟ هل تجرؤ واشنطن, على فعل كل ذلك, في ظل تماسك التحالف الروسي – الصيني, لجهة الحدث السوري, ولجهة ايران ومصالحهما معهما؟.

 

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

 

www.roussanlegal.0pi.com

mohd_ahamd2003@yahoo.com