أعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أن الزعيم الليبي معمر القذافي يرى أن التصدي لتنظيم القاعدة يمثل قضية مشتركة بين البلدين. وقال بلير في مؤتمر صحفي عقب لقائه القذافي في طرابلس إن ما أسماه الإرهاب يهدد العرب والغرب على حد سواء.
من جهته وصف وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم تنظيم القاعدة بأنه عقبة حقيقية أمام التقدم والتغيير في المنطقة، وذلك في تصريحات للصحفيين المرافقين لرئيس الوزراء البريطاني.
واعتبر بلير المصالحة بين لندن وطرابلس تشكل إشارة مهمة للعالم العربي، وتبين له أنه قادر على العمل مع الولايات المتحدة وبريطانيا من أجل مكافحة ما أسماه الإرهاب.
وأضاف أن بلاده في طور بناء شراكة جديدة مع ليبيا تشمل التعاون في مجالات الاقتصاد والتعليم، موضحا أنه ناقش مع القذافي أيضا بيع نظم دفاعية بريطانية إلى ليبيا ومؤكدا أن شركة بي إي إيه سيستمز (BEA SYSTEMS) للمعدات الدفاعية ستوقع قريبا صفقة مع ليبيا.
وأشار بلير رغم ذلك إلى أن وضع أسس أفضل لعلاقات مع ليبيا سيستغرق بعض الوقت.
كما أشاد بالتعاون الليبي مع الخبراء الأميركيين والبريطانيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية في الكشف عن برامج أسلحة الدمار الشامل، وقال إن تخلص ليبيا من هذه الأسلحة "يعد مكسبا كبيرا وسيمكن طرابلس من لعب دور مهم في المنطقة".
وأكد رئيس الوزراء البريطاني أنه يجب وضع ما وصف بآلام الماضي جانبا إذا كان هناك دول جاهزة للتعاون فيما أسماه محاربة الإرهاب ونزع التسلح، مشيرا في هذا السياق إلى التزام ليبيا أيضا بدفع التعويضات لعائلات ضحايا لوكربي
وفي إطار التقارب بين البلدين قال وزير الخارجية البريطاني جاك سترو إن ضباطا من الشرطة البريطانية سيتوجهون إلى ليبيا يوم الثالث من أبريل/ نيسان المقبل لمتابعة التحقيقات في مقتل الشرطية البريطانية إيفون فليتشر خارج مبنى السفارة الليبية في لندن عام 1984، وهو الحادث الذي قطعت بسببه لندن علاقاتها الدبلوماسية مع طرابلس
ووصل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى ليبيا الخميس، وذلك في مستهل زيارة تاريخية ترافقت مع اعلان مسؤولين اميركيين إن ادارة الرئيس جورج بوش تعتزم ان ترفع تدريجيا العقوبات الاقتصادية المفروضة على طرابلس مكافأة لها على تخليها عن برامجها لاسلحة الدمار الشامل.
وبعيد وصوله، التقى بلير مع الزعيم الليبي معمر القذافي، حيث اجريا محادثات في خيمة مقامة عند مشارف العاصمة طرابلس.
وقال بلير "من الجيد ان اكون هنا اخيرا بعد اشهر عديدة" فيما تخلى القذافي الذي ارتدى الزي الليبي التقليدي، عن اللغة العربية وتوجه بالحديث مباشرة الى بلير بالانكليزية وبصوت خافت امام الصحافيين قائلا "لقد عملتهم كثيرا على هذه المسالة وتبدو مرهقا"، مضيفا كما لو انه يصحح ما قال "انك بحالة جيدة، ما زلت شابا".
وبدأ الزعيمان محادثاتهما بعد أن تصافحا مع الكاميرا. وكان رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى المطار قد لقي ترحيبا من حرس الشرف ونقل مباشرة للقاء الرئيس الليبي.
وقال مسؤولون يرافقون رئيس الوزراء البريطاني ان محادثات الزعيمين تاتي في إطار تواصل جهود إخراج ليبيا من عزلتها الدولية بعد أن أعلنت تخليها عن برامجها النووية والبيولوجية والكيماوية.
وكان بلير اعلن خلال زيارة قصيرة للشبونة سبقت وصوله الى طرابلس "لنقدم للدول التي تريد التخلي عن الارهاب وعن تطوير اسلحة دمار شامل شراكتنا للتوصل الى ذلك"، مؤكدا ان ليبيا تلتزم بذلك "بشجاعة".
واضاف ان "هذا لا يعني ان ننسى آلام الماضي بل ان نعترف بانه حان وقت التقدم".
وتجسد الزيارة الاولى لرئيس حكومة بريطاني الى ليبيا منذ ستين عاما تطبيع العلاقات بين لندن وطرابلس بعد فترة طويلة من الجمود نجمت عن اتهام الزعيم الليبي معمر القذافي بدعم الارهاب. وكان ونستون تشرشل قام في 1943 بآخر زيارة لرئيس وزراء بريطاني الى ليبيا.
وسيلتقي بلير العقيد القذافي اليوم الخميس في خيمة قريبة من طرابلس يستقبل فيها الزعيم الليبي عادة ضيوفه.
وقال مصدر حكومي بريطاني ان هذه الزيارة تأتي بينما تقدم ليبيا "اقصى حد من التعاون" منذ قرارها التخلي عن برنامج اسلحة الدمار الشامل في كانون الاول/ديسمبر الماضي.
وترافق تحسن العلاقات الدبلوماسي آمال في تطوير التعاون التجاري. وتحدث احد الاعضاء في الوفد المرافق لبلير عن عقد ستوقعه في وقت قريب جدا الشركة النفطية البريطانية "شل" حول امتياز للتنقيب عن الغاز على السواحل الليبية.
واوضح المصدر نفسه ان لندن تعتزم مساعدة اللليبيين ايضا في "تطوير مبادىء لاحتياجاتهم الامنية المشروعة"، موضحا انه سيتم تدريب عسكريين ليبيين في بريطانيا في المستقبل.
وكان تأكيد زيارة بلير الى ليبيا الاربعاء اثار انتقادات حادة من قبل المحافظين البريطانيين في المعارضة الذين رأوا انها "زيارة مثيرة لجدل كبير في وقت يشهد جدلا كبيرا" بعد اعتداءات مدريد.
ورأى زعيم المعارضة مايكل هاورد ان "مشاركة بلير في المراسم الرسمية لتشييع ضحايا اخطر اعتداء ارهابي منذ لوكربي ثم توجهه مباشرة الى ليبيا امر غريب".
واشنطن تعتزم رفع العقوبات تدريجيا
وفي الجهة المقابلة، اعلن مسؤولون اميركيون إن ادارة الرئيس جورج بوش تعتزم ان ترفع تدريجيا عقوبات تمنع شركات النفط وغيرها من الشركات الاميركية من الاستثمار في ليبيا وذلك مكافأة لطرابلس على تخليها عن برامجها لاسلحة الدمار الشامل.
واضاف المسؤولون ان الخطوة القادمة المتوقعة هي الغاء أمر تنفيذي فرضه أولا الرئيس الاسبق رونالد ريغان يقلص صفقات الاعمال الاميركية في ليبيا. وقد يمهد ذلك الطريق أمام شركات النفط الامريكية للعودة الى ليبيا.
وقال احد المسؤولين "الامور تسير في ذلك الاتجاه."
ومن غير الواضح متى سيصدر اعلان بذلك. لكن مشروعات نفطية مهمة قد تبقى معطلة لحين رفع العقوبات التجارية الاميركية الاخرى وازالة ليبيا من القائمة الاميركية للدول الراعية للارهاب.
وامتنع ادم ايرلي المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية عن التعقيب على إجراءات محددة قيد الدراسة لتطبيع العلاقات الاميركية الليبية لكنه قال ان العملية ستكون تدريجية.
واضاف ايرلي قائلا للصحفيين "هذه عملية ستسير خطوة خطوة."—(البوابة)—(مصادر متعددة)