اسفرت عن مقتل 6 واصابة العشرات: الرئيس اللبناني يأمر بفتح تحقيق في اشتباكات الضاحية الجنوبية

تاريخ النشر: 28 مايو 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

امر الرئيس اللبناني اميل لحود بفتح تحقيق في الاشتباكات التي اندلعت امس في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت بين قوات من الجيش ومتظاهرين كانوا يحتجون على ارتفاع اسعار الوقود واسفرت عن مقتل 6 اشخاص بينهم امرأة مجهولة الهوية واصابة ما لا يقل عن 35 اخرين. 

تحولت التظاهرات السلمية التي كانت بدأت امس صباحا باعتصام امام رئاسة الوزراء اللبنانية احتجاجا على ارتفاع اسعار الوقود، خاصة في حي السلم بالضاحية الجنوبية لبيروت التي تقطنها اغلبية شعبية وتمثل معقلا لحزب الله، تحولت الى احداث عنف دامية اسفرت وفقا لصحيفة "الحياة" عن سقوط ستة قتلى بينهم امرأة مجهولة وجرح العشرات مدنيين وعسكريين.  

وفيما كانت التظاهرة الرئيسة التي نظمها الاتحاد العمالي ترفع شعاراتها ومطالبها في المكان المحدد امام مقر مجلس الوزراء (غير المنعقد في جلسته الأسبوعية) في منطقة المتحف كانت الشرارة الأولى للصدامات تندلع في حي السلّم اكثر الأحياء الشيعية اكتظاظاً وفقراً في الضاحية لتمتد لاحقاً الى معظم الأحياء شاملة الطرق الدولية الى العاصمة ومطارها. وفي مواجهة التظاهرات المتنقلة من منطقة الى اخرى التي خاضها فتيان وشبان دفعت القوى الأمنية تعزيزات الى المنطقة لمنع تمدد اعمال الشغب نحو بيروت وفتح الطرق وخصوصاً طريق المطار الذي توقفت فيه الملاحة الجوية اكثر من خمس ساعات. 

وفي التفاصيل الميدانية ان متظاهرين في حي السلم تعرضوا لعناصر من الدفاع المدني وقوى الأمن الداخلي, فحضرت قوة من الجيش لمساندتهم من اجل فتح الطريق وإطفاء الإطارات المشتعلة فتعرضت هي الأخرى لرشق الحجارة والزجاجات الفارغة والضرب بالعصي مما اضطرها الى إطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين. إلا ان هؤلاء اعادوا هجومهم على الدورية وصعدوا الى احدى شاحناتها وعندها حصلت المواجهة المباشرة وحاول خلالها المتظاهرون الاستيلاء على الشاحنة ومصادرة الأسلحة التي كانت على متنها. 

وقتل في المواجهة الأولى ثلاثة متظاهرين بالرصاص وأصيب سبعة آخرون بجروح, فيما جرح ضابط من الجيش وستة من عناصره, وسرعان ما عنفت المواجهات التي اخذت تنتقل من حي الى آخر لتغطي كل الضاحية. ولم تفلح قيادات في "حزب الله" الذي يعتبر القوة الرئيسة في الضاحية وأخرى من "امل" بالتعاون مع ضباط في الجيش وقوى الأمن في السيطرة على الأرض. فيما كان المتظاهرون يهاجمون معظم مراكز الجيش ومخافر قوى الأمن وقاموا بتدمير بعضها وإحراق بعضها الآخر, اضافة الى الاستيلاء على بنادق لقوى الأمن الداخلي امام مبنى وزارة العمل في الشياح. 

وقالت صحيفة "النهار" ان المواجهات اسفرت عن مقتل خمسة مدنيين واكثر من 20 جريحا. اما في صفوف الجيش والقوة الامنية فسجلت اصابات تجاوزت الـ 35 عسكريا من جراء الاعتداءات على آليات للجيش. وقد انسحبت وحدات الجيش ليلا من كل احياء الضاحية كما فتحت طريق المطار. وافاد بيان للجيش ان عدد الموقوفين في منطقة حي السلم وطريق المطار بلغ 48 شخصا بتهمة اطلاق النار ورمي قنابل يدوية ورشق بالحجارة على قوى الجيش. وسلم الموقوفون مع المضبوطات الى القضاء المختص.  

وقالت الصحيفة ان المواجهات لم تتوقف إلا بعد تدخل سوري ضاغط برز ميدانياً على ارض المواجهة من خلال قيام فريق من كبار الضباط في الجيش السوري بالتعاون مع ضباط في الجيش وقوى الأمن, وقياديين في "حزب الله" وحركة "امل" عملوا على التهدئة, وقد نجحوا في إبعاد المتظاهرين بدءاً من حي السلم, اكثر المناطق سخونة على رغم ان هؤلاء حاولوا وأمام اعين الضباط مهاجمة بعض المواقع العسكرية بعد ان انكفأ عناصرها من الأحياء لتنفيس الاحتقان. 

وبينما باشر القضاء اللبناني التحقيق لتحديد الأسباب التي ادت الى المواجهات في ظل المعلومات المتوافرة عن وجود عدد من الموقوفين ومعرفة ما اذا كان هؤلاء ينتمون الى جهات سياسية ام ان تحركهم نابع عن حماستهم الشديدة. وأملت مصادر قضائية رفيعة بأن تتوصل, في ضوء إلحاح رئيس الجمهورية اميل لحود على فتح تحقيق في الحوادث الدامية, الى نتائج تسمح لها بتحديد هوية الجهة التي تقف وراء تحريك الشارع في الضاحية في شكل فاجأ كل القوى السياسية وأحدث إرباكاً في صفوفها وأثار انزعاج دمشق الشديد. 

واستغرب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بعد لقائه رئيس الحكومة مساء امس التعرض للجيش "الذي يحمي الجنوب ووطد عقيدته العربية على قاعدة الحلف الاستراتيجي مع سورية".  

وقال ان الجيش ليس مسؤولاً عن الفساد السياسي ولا عن التأخير في خفض سعر البنزين. وأضاف "اذا كانت هناك تصفية حسابات في مكان ما فالجيش وقيادته لا يتحملان المسؤولية". 

ووزع تصريح للحريري, ابدى فيه "اسفه الشديد للتطورات التي رافقت الاضراب العمالي وأسفرت عن وقوع عدد من الضحايا في صفوف المواطنين وعناصر الجيش اللبناني", منبها الى "الاخطار التي تنجم عن حرف التحركات النقابية عن اهدافها". ودعا اللبنانيين الى "الاتعاظ بما حصل" معتبرا "ان حال الفوضى التي شهدناها لا تنفع احدا". وقال: "ان الجميع مدعوون الى اجراء مراجعة في العمق والى تحمل مسؤولياتهم". واضاف: "ان المساس بهيبة الجيش الوطني مساس بكرامة الوطن والمواطن وهو اصطدام مباشر باستقرار البلاد علاوة على انه تطاول على ابناء لنا نذروا انفسهم لحماية الوطن وامن المواطنين". وحذر من "محاولة استغلال المسألة الاجتماعية والمعيشية واستعمال الشباب وقودا لاهداف سياسية هي ابعد ما تكون عن مصلحة لبنان واللبنانيين في ظروف تشهد فيها المنطقة تطورات تضع المصالح القومية العربية في دائرة الخطر الشديد".—(البوابة)—(مصادر متعددة)