التقى البابا فرنسيس، أول بابا للفاتيكان تطأ قدمه شبه الجزيرة العربية، بقادة دولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي يوم الاثنين خلال زيارة تاريخية يأمل في أن تعزز السلام من خلال الحوار بين الأديان.
ولدى وصوله إلى قصر الرئاسة الإماراتي مترامي الأطراف بقبابه العديدة، تم استقبال البابا فرنسيس بتحليق مقاتلات تابعة للقوات الجوية الإماراتية نفثت دخانا باللونين الأصفر والأبيض، وهما لونا علم الفاتيكان.
واستقل البابا سيارة صغيرة حتى الساحة الرئيسية ورافقه نحو 12 من الحرس الإماراتي وهم يمتطون الجياد ويرفعون الأعلام. ويحجم البابا عن ركوب السيارات المصفحة أو الليموزين منذ توليه البابوية.
وفور دخوله القصر، الذي يشبه متاهة من المباني والحدائق والنوافير على مساحة نحو 150 فدانا، أجرى البابا محادثات خاصة مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وقادة إماراتيين آخرين.
ودون البابا كلمات في كتاب الضيوف الخاص بالقصر داعيا الرب أن يمن على الإمارات "ببركات إلهية من السلام والتضامن الأخوي".
وتأتي الزيارة في ظل حرب اليمن التي يلعب فيها جيش الإمارات دورا بارزا ضمن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية للقتال إلى جانب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والتي أطاحت بها جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران.
ومن المقرر أن يلقي البابا خطابه العلني الوحيد خلال اليوم في وقت لاحق خلال اجتماع للحوار بين الأديان بعد أن يزور جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، الذي يعد من أكبر المساجد في العالم الإسلامي.
وحظيت الزيارة ببعض الاهتمام الإعلامي الإيجابي في السعودية التي تحظر الكنائس. ونشرت صحيفة (عرب نيوز)، وهي صحيفة رئيسة يومية تصدر بالإنجليزية، صورة للبابا وولي عهد أبوظبي ووصفتها بأنها "اللحظة التي دخلت التاريخ في شبه الجزيرة العربية".
ونشرت الصحيفة مقالا نقلت فيه عن مسؤولين مسلمين وكاثوليك قولهم إن السعودية قد تكون ضمن جولة بابوية مستقبلية.
ويصف قساوسة ودبلوماسيون الإمارات بأنها واحدة من أكثر البيئات انفتاحا في الخليج بالنسبة لممارسة المسيحيين لعباداتهم المسموح بها في مجمعات كنائس بتصاريح خاصة. لكنها، شأنها شأن جيرانها، لا تسمح بالتجمعات الدينية غير المصرح بها أو التبشير.
*ظل الحرب اليمنية
قال مسؤولون بالفاتيكان قبل الزيارة إنه لم يتضح ما إذا كان البابا سيتناول موضوع حرب اليمن المستمرة منذ نحو أربعة أعوام علنا أم في محادثات خاصة خلال الزيارة.
وتحاول الأمم المتحدة تطبيق اتفاق هش على وقف إطلاق النار في ميناء الحديدة الرئيسي باليمن الذي يعد شريان حياة للملايين ومسرحا لبعض من أعنف المعارك في الحرب. وتأمل في أن يمهد الاتفاق الطريق نحو مفاوضات سياسية لإنهاء الصراع.
وقبيل مغادرته متوجها إلى أبوظبي الأحد، قال البابا في عظته المعتادة بمدينة الفاتيكان الأحد إنه يتابع الأزمة الإنسانية في اليمن بقلق بالغ، وحث كل الأطراف على تنفيذ الاتفاق والمساعدة في توصيل المساعدات.
وقال "فلنبتهل بإخلاص لأن هؤلاء الأطفال جوعى وعطشى ولا يملكون الدواء ويواجهون خطر الموت".
وأدت الحرب بين جماعة الحوثي والتحالف الذي تقوده السعودية والموالي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى مقتل عشرات الآلاف وجعلت نحو 16 مليون شخص يواجهون الجوع الشديد.
وقبل أن يعود إلى روما، سيقيم البابا فرنسيس قداسا في الهواء الطلق الثلاثاء لنحو 135 ألف كاثوليكي في استاد رياضي بأبوظبي، وهو حدث لم يسبق له مثيل في شبه الجزيرة العربية. وقال إن هذه الزيارة ستكتب "صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الديانتين".
ويعيش في الإمارات نحو مليون مغترب كاثوليكي، كثير منهم من الفلبين. ويُعتقد أن مليونا آخرين من الكاثوليك يعيشون في دول أخرى بشبه الجزيرة العربية.