شهدت الأوساط السياسية والإعلامية لدى الاحتلال الإسرائيلي حالة من الإرباك والتوتر، بعد إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) موافقتها على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف العدوان على قطاع غزة، وترحيب الأخير بها.
وسعى الإعلام العبري إلى امتصاص وقع الصدمة والتماسك بعد ليلة وُصفت بـ"العاصفة"، ركزت فيها وسائل الإعلام العبرية على أن بيان حماس لم يكن قبولا نهائيا بالخطة، بل بمثابة فتح باب جديد للتفاوض حول بنودها.
صحفيون بارزون عبّروا عن المفاجأة، إذ قال باراك رافيد، مراسل القناة 12 وموقع "والا" وموقع "أكسيوس"، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لم يتوقع رد ترامب على بيان حماس، وأن فريقه بدأ بالفعل مشاورات داخلية لصياغة موقف رسمي.
من جانبها، اعتبرت قناة "كان" الرسمية أن ترامب "يشوه صورة إسرائيل"، لأنه أظهرها كطرف يعارض السلام، ولا تستطيع الآن رفض رد حماس علنًا.
ووصفت إذاعة جيش الاحتلال الوضع بأنه "جنون تام"، بعد إعلان ترامب بأن حماس مستعدة للسلام، مطالبًا الاحتلال بوقف القصف على غزة فورًا.
في السياق ذاته، رأى أمير بوخبوط، المراسل العسكري لموقع "والا"، أن بيان حماس جزء من "حرب نفسية"، الهدف منها نقل الضغط إلى الاحتلال والإدارة الأميركية، مشيرًا إلى أن ترامب ربما "وقع في فخ حماس"، حسب تعبيره.
واعتبر المحلل السياسي نوعام أمير أن الحركة "تحاول شراء الوقت وخداع الجميع"، بينما وصف مراسل القناة 14 بيان ترامب بأنه "تغيير في الموقف الأميركي" لصالح سردية حماس.
وسخر موقع "واي نت" العبري من موقف ترامب، معتبرًا أنه "باع إسرائيل مقابل نوبل للسلام"، بينما نشرت منصة "حدشوت بزمن" أن "الطاولة انقلبت" على الاحتلال، بعد أن قال نتنياهو سابقًا إن "العالم يضغط على حماس"، وإذا به يجد نفسه الآن في موقع من يُطلب منه وقف الحرب.
التباين بين خطة ترامب ورد حماس كان واضحًا في مواقف المراسلين الإسرائيليين. حيث أوضح ألموغ بوكر من القناة 12 أن خطة ترامب تنص على نشر قوة دولية في غزة، بينما تقترح حماس تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية. كما تنص الخطة على تسليم الأسرى خلال 72 ساعة، في حين ربطت حماس العملية بانسحاب الاحتلال من القطاع. وبشأن نزع سلاح المقاومة، لم تُبدِ الحركة أي تعليق، ما اعتُبر رفضًا ضمنيًا.
وفي محاولة لاحتواء الإرباك، نقل مراسل القناة 12 يارون أفراهام عن "مصدر سياسي كبير" – يُعتقد أنه نتنياهو – قوله إن ما جرى كان "متوقعًا ومخططًا له"، معتبرًا موافقة حماس على إطلاق سراح الأسرى دفعة واحدة "إنجازًا سياسيًا وعسكريًا" لصالح الاحتلال، وزاعمًا أن الانسحاب سيكون "تكتيكيًا" مع بقاء قوات الاحتلال في عمق القطاع.