قالت صحيفة اميركية ان عمليات التعذيب في العراق جرت باوامر سرية مباشرة من رامسفلد فيما تعهد جورج بوش وكولن باول بعدم تكرار هذه الانتهاكات.
كشفت اسبوعية "نيويوركر" الاميركية في مقال تنشره الاثنين ان اعمال التعذيب التي ارتكبها عسكريون اميركيون بحق معتقلين عراقيين في سجن ابو غريب كانت نتيجة لقرار اقره سرا وزير الدفاع دونالد رامسفلد في 2003.
وكتب محرر المقال سيمور هيرش الذي كشف مع شبكة سي.بي.اس فضيحة ابو غريب ان "جذور" هذه القضية "لا تعود الى نزوع اجرامي لدى بعض الاحتياطيين في الجيش بل الى قرار اقره السنة الماضية" رامسفلد.
واضاف هيرش على صفحات اسبوعية "نيويوركر" استنادا الى ضباط في الاستخبارات او تقاعدوا منها ان هذا القرار كان يهدف الى "توسيع حدود برنامج سري للغاية كان يهدف في الاساس لمطاردة عناصر القاعدة واستجواب المساجين في العراق".
واكد هؤلاء الضباط للصحافي هيرش ان هذا البرنامج "يشجع على استخدام العنف جسديا والاهانات الجنسية بحق المعتقلين العراقيين سعيا الى الحصول على المزيد من المعلومات حول الانتفاضة المتنامية في العراق".
"اقبضوا على من يجب اعتقالهم وافعلوا بهم ما شئتم". هذا ما جاء في امر المهمة الذي صدر للعسكريين المكلفين بعمليات الاستجواب حسبما اضاف الضباط للاسبوعية.
واعد هذه القرار ستيفن كامبون مساعد وزير الدفاع المكلف الاستخبارات ثم اقره رامسفلد ورئيس اركان الجيوش الجنرال ريتشارد مايرز.
وطالبت صحيفة "الزمان" العراقية الواسعة الانتشار رامسفلد وزير الدفاع الامريكي بالاستقالة بسبب الانتهاكات.
وبعد يومين من الزيارة التي أجراها رامسفلد لسجن ابو غريب الذي شهد هذه الانتهاكات في بغداد نشرت صحيفة الزمان مقالا افتتاحيا نادرا على صفحتها الاولى أعادت فيه الى الاذهان دوره في التفاوض مع صدام حسين في الثمانينيات وقالت انه كان عليه استغلال هذه الرحلة في تقديم استقالته واطلاق سراح السجناء العراقيين.
وقالت ان رامسفلد الذي أهان الجيش العراقي وقوض تاريخ وكرامة الشعب العراقي نسي اعتداء جنوده الذي لا ينسى على ابناء العراق في سجن ابو غريب.
وأضافت واصفة زيارته لسجن ابو غريب بأنها استعراض تم الترتيب له مسبقا أن رامسفلد المشهور بتاريخ تعاونه مع صدام كان عليه اعلان استقالته في بغداد استرضاء للشعب العراقي المضطهد.
وكان رامسفلد قد رفض دعوات في الولايات المتحدة لتقديم استقالته بسبب سلوك الجنود الاميركيين الذين وجه الاتهام الى سبعة منهم باساءة معاملة معتقلين في سجن أبو غريب واهانتهم جنسيا.
ووقف الرئيس الاميركي جورج بوش الى جانب رامسفلد رغم الغضب العارم الذي اجتاح العراق وامتد الى خارجه بسبب نشر صور بشعة للانتهاكات.
ويعتقد كثير من العراقيين استنادا الى تقارير اللجنة الدولية للصليب الاحمر بتعرض المعتقلين للتعذيب على نحو منتظم أن ضرب وربما قتل الجنود الامريكيين لهم أمر شائع.
ويقوض هذا من سلطة الولايات المتحدة في البلاد فيما تستعد واشنطن لتسليم السلطة لحكومة عراقية مؤقتة في 30 حزيران/يونيو.
وقال مسؤولون أميركيون من بينهم كولن باول وزير الخارجية وسكوت ماكليلان المتحدث باسم بوش يوم الجمعة ان القوات الاميركية لن تبقى حيث لا تحظى بالترحيب الا أنهم أعربوا عن ثقتهم في أن الحكومة العراقية ستطلب منهم البقاء.
وقال الرئيس الاميركي السبت انه عازم على عدم تكرار الانتهاكات التي حدث في السجون العراقية.
وفي كلمته الاذاعية الاسبوعية قال بوش ان فضيحة اساءة معاملة السجناء كانت قاصرة على من خدموا بشكل مباشر في سجن ابو غريب في بغداد. وأشار الى توجيه الاتهامات لسبعة جنود وان أول المحاكمات ستبدأ الاسبوع المقبل.
وقال بوش "تعتزم ادارتي وجيشنا ضمان عدم تكرار ما حدث من سوء معاملة. يعلم جميع الاميركيين ان تصرفات قلة لا تعكس السمة الحقيقية للقوات المسلحة الاميركية".
وجرى التحقيق في اساليب الاستجواب التي يتبعها الجيش الاميركي في اعقاب الكشف عن انتهاكات حقوق السجناء في سجن ابوغريب التي شملت إبقاء السجناء عرايا ووضعهم فوق بعضهم البعض في شكل هرمي واجبارهم على وضع اكياس تغطي رؤوسهم تماما والقيام بممارسات جنسية اضافة الى قيام حراس السجن الاميركيين بضربهم وتصويرهم في اوضاع مهينة.
وقال مسؤولون بوزارة الدفاع يوم الجمعة ان الجيش الاميركي حظر استخدام العديد من اساليب الاستجواب في العراق من بينها الحرمان من النوم والتأثير السلبي على الحواس وجعل السجين يتخذ اوضاعا مرهقة للجسم.
وتزامنت فضيحة اساءة معاملة السجناء مع المزيد من الانباء السيئة من العراق فيما كان عاملا في انخفاض شعبية بوش. واظهر استطلاع لمركز بيو للابحاث صدر يوم الاربعاء ان نسبة تأييد بوش انخفضت الى 44 في المئة بينما لا يقر 48 في المئة ممن شملهم الاستطلاع سياسته.
وقال بوش ان الولايات المتحدة تعمل مع الزعماء العراقيين من أجل تشكيل حكومة مؤقته تتولى السلطة في 30 حزيران/يونيو. وقال ان القوات الاميركية ستبقى بعد ذلك للحفاظ على الامن.
واشار بوش الى اعدام المدني الاميركي نيكولاس بيرغ بحد السيف بقوله "يذكرنا الاعدام الوحشي لرجل بريء بحقيقة طبيعة العدو الارهابي والمخاطر التي ينطوي عليها هذا الصراع".
ومن ناحيته، قال وزير الخارجية الاميركي كولن باول انه متألم مما تعرض له سجناء ابو غريب من انتهاكات ووعد بتحقيق العدالة لهم في محاولة لاسترضاء العرب الغاضبين بشأن العراق والصراع العربي الإسرائيلي.
غير ان تصريحاته قوبلت بتشكك من جانب السياسيين العرب ورجال الاعمال الذين استمعوا اليه في صمت وتساءلوا عما اذا كان بمقدورهم الثقة في الولايات المتحدة.
وقال باول "اصدقاؤنا الكثيرون في انحاء العالم يشاركوننا الالم في الوقت الراهن بشأن ما تكشف من انتهاكات في ابو غريب. واستطيع ان اقول لكم من قلبي مباشرة اننا سنعالج الامر. سنتأكد من تحقيق العدالة."
غير ان الكثيرين ممن استمعوا اليه في اجتماع للمنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد على ساحل البحر الميت لم يقتنعوا بكلماته.
وقال رجل عمال اردني طلب الا ينشر اسمه "سمعنا هذا من قبل. المهم هو العمل وليس الكلمات. لسنا متأكدين من اننا نستطيع ان نثق بهم."
واضاف سياسي عربي "لم يكن هناك تواصل في الغرفة. لم يكن هناك تفاعل. لم يكن يستطيع ان يقول اي شيء اخر...هل هو مخلص. لا اظن ذلك."
وتهدف زيارة باول التي تستمر 24 ساعة للاردن الى تخفيف غضب العرب بسبب ما تعرض له السجناء العراقيون من انتهاكات واذلال على أيدي الجنود الاميركيين الذين جردوهم من ثيابهم وكوموهم عرايا فوق بعضهم البعض ثم قاموا بتصويرهم.
كما حاول باول احياء عملية السلام المجمدة بين العرب واسرائيل بلقائه مع رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع لاول مرة منذ تولى قريع منصبه في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي.
وطلب باول من العرب الا تغيب عن انظارهم "الصورة الاشمل" في العراق حيث يقوم الجنود الامريكيون كما قال ببناء المدارس واصلاح المستشفيات واداء "الالاف من اعمال العطف والشجاعة" كل يوم.
لكن حتى الملك عبد الله الذي يعد من اوثق حلفاء واشنطن في العالم العربي شدد على اهمية وجود عملية سياسية تتمتع بالمصداقية في العراق حيث من المقرر ان تجرى انتخابات بحلول كانون الثاني/يناير.
وقال الملك ان "الشكوك في مصداقية تلك العملية ستشجع التطرف وتعوق عملية الاصلاح بالمنطقة."
وبدا ايضا ان العاهل الاردني يلح على الولايات المتحدة كي تلعب دورا اكثر نشاطا في ايجاد سلام عربي اسرائيلي.
ومشيرا الى تأكيد الرئيس الاميركي مؤخرا على التزامه باقامة دولة فلسطينية مستقلة قال الملك عبد الله "ليبرهن زعماء العالم مرة والى الابد انهم جادون بشأن حرية الفلسطينيين"—(البوابة)—(مصادر متعددة)