بعد تسع سنوات من الحرب، لا يزال الحوار الذي اطلقته كابول مع متمردي طالبان يلقى حذر الولايات المتحدة، القوة الرئيسية في التحالف الدولي في افغانستان، على الرغم من ابداء الحلف الاطلسي استعداده لتسهيل هذا الحوار الخميس.
وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في تصريحات من بروكسل "اعتقد انه من غير المرجح ان توافق قيادة طالبان التي رفضت العام 2001 تسليم (زعيم القاعدة اسامة) بن لادن، على المصالحة"، لافتة مع ذلك الى ان "امورا اكثر غرابة حصلت في تاريخ الحرب".
واشار الرئيس الافغاني حميد كرزاي الى ان حكومته تجري مفاوضات سرية مع طالبان "منذ بعض الوقت" من اجل وقف الحرب المستمرة منذ تسع سنوات في بلاده.
ونفت طالبان هذه التصريحات في بيان بثه الاربعاء المركز الاميركي "سايت" المتخصص في مراقبة المواقع الالكترونية للحركات الاسلامية.
ودعا المجلس الاعلى للسلام، وهو الهيئة الافغانية المنوط بها اجراء اتصالات مع المتمردين لوقف الحرب، حلف شمال الاطلسي الخميس الى وقف عملياته في المناطق التي تكون فيها حركة طالبان مستعدة لاجراء مفاوضات مع الحكومة.
وجددت كلينتون وزميلها وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الخميس اعلان انهما تلقيا معلومات عن جهود كرزاي التي يدعمانها.
وقال غيتس خلال مؤتمر صحافي "عندما يكون هناك فرص يجب استغلالها"، في حين دعت كلينتون من جهتها الى عدم "المبالغة" في التعاطي مع الحجم الحالي للمحادثات بين كابول وطالبان.
ورات كلينتون ان المصالحة عملية "معقدة للغاية بدات لتوها"، مفضلة الحديث عن التقدم الحاصل برايها على صعيد "اعادة الاندماج"، بما يعني عودة متمردين من طالبان الى كنف الشرعية بعد تخليهم عن القاعدة واعمال العنف. كما تطرق الوزيران الى الوضع الامني الذي يشهد بنظرهما تحسنا بالنسبة للقوات الدولية، من دون الخوض في التفاصيل.
وكانت كلينتون ذكرت في وقت سابق خلال مقابلة مع شبكة "ايه بي سي" التلفزيونية الاميركية ان قوات التحالف "تخرج يوميا" في سبيل "مطاردة وقتل عناصر من طالبان الذين يقتلون افغانا وجنودنا".
واكد الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الخميس ان الحلف مستعد لتسهيل حوار مع طالبان والحكومة الافغانية لكن مع متابعة عملياته العسكرية.
وقال راسموسن في مؤتمر صحافي "ان استطعنا تسهيل العملية (...) فلم لا؟". لكنه اضاف "كلما ازداد الضغط العسكري كلما اصبحت فرص عملية المصالحة افضل"، في وقت بات فيه "طالبان تحت الضغط في كل مكان في افغانستان".
وكان مسؤول في الحلف الاطلسي صرح الاربعاء ان الحلف يسمح احيانا لقادة طالبان بالتوجه الى كابول ليبحثوا مع الحكومة الافغانية بشأن شروط المحادثات حول ارساء السلام.
وكان هذا المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته اشار الى محادثات "في مرحلة اولية جدا".
وبحسب الخبير اشلي تليس، فان موقف الولايات المتحدة حيال المحادثات لا يتجاوز اتفاق مبادئ.
واوضح هذا المحلل في مؤسسة كارنيجي انه "بطريقة ما، لقد اقروا بان الحل سيكون سياسيا، ولا يسعهم القول علنا انهم معارضون للمصالحة".
وقال ان الادارة الاميركية لا يمكنها الخضوع للمطالب "البولشيفية" لمتمردي طالبان، ابرزها برايه خروج 152 الف جندي اجنبي من افغانستان، سيطرة طالبان على ولايات عدة وادراج نصوص من الشريعة الاسلامية ضمن الدستور الافغاني.
اما براي ليسلي غلب، رئيس مركز الابحاث "سي اف ار"، فان الولايات المتحدة لا تزال تعتقد انها تستطيع، بواسطة حركتها العسكرية، "اضعاف طالبان بما يكفي للحصول على اتفاق جيد" في الموعد الذي يناسبها.
بموازاة ذلك، اعتبرت طالبان في بيان نشره مركز سايت الخميس ان تمديد مجلس الامن الدولي لمهمة القوات الدولية في افغانستان "يصب الزيت على نار الحرب".
وقالت طالبان في بيانها ان "امارة افغانستان الاسلامية (...) تستنكر قرار مجلس الامن" الذي "يصب الزيت على نار الحرب".
واضاف البيان "بحسب مبادئه، على مجلس الامن الا يساهم في تمديد الحرب في افغانستان من خلال تبني هكذا قرار، بل عليه العمل على وضع حد للحرب والاحتلال".
والاربعاء، وجه مجلس الامن الدولي نداء لارسال مزيد من الجنود الى افغانستان كما مدد لعام واحد مهمة القوات الدولية حتى 13 تشرين الاول/اكتوبر 2011.
وقتل سبعة من جنود حلف شمال الاطلسي الخميس في افغانستان، خمسة منهم بانفجار عبوات يدوية الصنع، كما اعلنت قيادة الحلف في بيان، ليرتفع الى 588 عدد القتلى في صفوف الجنود الاجانب في ذلك البلد اثناء 2010.
وفي تطور امني، اعلنت القوة الدولية المساهمة في ارساء الامن في افغانستان (ايساف) التابعة للاطلسي ان ثلاثة جنود قتلوا بانفجار عبوة يدوية الصنع، سلاح طالبان المفضل، في غرب البلاد ورابع في الجنوب وخامس في الشرق دون كشف هوياتهم.
وقتل جنديان لاحقا في معارك مع المقاتلين في جنوب البلاد.
وسقط هؤلاء القتلى مجددا غداة يوم اسود على قوات حلف الاطلسي شهد مقتل ستة جنود اميركيين، اربعة منهم بانفجار لغم يدوي الصنع.
وبذلك يرتفع الى 588 عدد القتلى في صفوف الجنود الاجانب في النزاع الافغاني منذ بداية العام، في حصيلة تعتبر الاسوأ للقوات الدولية في تسع سنوات من الحرب، وذلك بحسب تعداد وكالة فرانس برس استنادا الى موقع متخصص مستقل.