زمن الانحطاط أو... جعجع مرشحاً للرئاسة!

تاريخ النشر: 06 أبريل 2014 - 07:33 GMT
سمير جعجع قضى خلف القضبان إحدى عشرة سنة مداناً بجرائم عديدة
سمير جعجع قضى خلف القضبان إحدى عشرة سنة مداناً بجرائم عديدة

بقلم: محمد خروب

ما كان بالون اختبار في نظر البعض او نكتة سمجة كما رآها آخرون، وربما دليلاً على ان الزمن العربي الرديء ما يزال يتوالى فصولاً، بات الان حقيقة او في شكل آخر اشارة على ان الانحطاط العربي آخذ في التعمق بعد ان كشف ما وصفبالربيع العربي ذات يوم كالح، أن جدول الاعمال العربي يُكتب – كما كان على الدوام – في عواصم القرار الدولي، وعبر صفقات وعمولات وسمسرات او قل تعهدات ورعاية وإفضلات مقابل خدمات وتبعية وخنوع ودائما عمالة واستعداد لبيع كرامات الأمة وسيادات الاوطان وللارتهان للمصالح الاستعمارية، ما دامت هي التي تدفع الرواتب وتُسعف الموازنات الهشة وتُسلّح جيوش الاستعراض والمراسم والفتك بالشعوب وتضمن الكراسي وتحرص على تلميعهم وخلع الالقاب والاوصاف «الفخيمة» عليهم على نحو لا يستحي هؤلاء ولا يخجلون، من تحميل شعوبهم «جمايل» الغرب الاستعماري والامتنان لهم عبر الخضوع لاوامرهم.

ما علينا..

سمير جعجع الذي قضى خلف القضبان إحدى عشرة سنة مداناً بجرائم عديدة تقف في مقدمتها جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الذي كان على رأس عمله «الطرابلسي السني حتى لا ينسى احد».. رشيد كرامي، وتم تخفيض حكم الاعدام عليه ليصبح سجناً مدى الحياة، بعد ضغوط متعددة الجنسيات والمذاهب والطوائف والاجهزة الاستخبارية وشخصيات ومرجعيات وعصبيات، امتلك الجرأة كي يتقدم بترشيح نفسه لمقعد رئاسة الجمهورية اللبنانية الذي سيشغر يوم 24/ 5 القريب (ليلة 25 ايار الوشيك)، بعد ان فقد الجنرال ميشال سليمان (او افقد نفسه) حظوظه في التمديد او التجديد رغم كل ما سعى اليه وما ادلى به من تصريحات استفزازية وانحياز الى قوى 14 آذار وعواصم اقليمية ودولية ذات مشروع ينهض في الاساس على إلحاق لبنان بمحور معاد لكل ما هو عروبي او رافض للهيمنة والاستتباع والسير قدماً في المشروع الصهيواميركي، القائم في الاساس على تصفية القضية الفلسطينية وتقسيم دول المنطقة الى كانتونات طائفية ومذهبية وعرقية.

طرح جعجع لنفسه رئيسا للبنان، لا يخرج عن هذا الاطار بعد ان غدت الخيانة والعمالة وجهة نظر لدى كثير من الانظمة العربية وافرازاتها من الفصائل والمنظمات والكتائب والالوية سواء تلك التي ترفع راية الجهاد والتكفير وامتلاك الحقيقة الواحدة ام تلك التي ما تزال ترى ان العصر الاميركي قائم وان التفرد الامبريالي بقيادة العالم لا مناص منه وبالتالي فإن النيوليبرلية هي مستقبل المنطقة ولا داعي لمزيد من العناد او استنساخ اللغة او المعادلات او المناخات الخشبية مثل الناصرية او المقاومة او الممانعة او أي شيء يندرج تحت باب الكرامة والسيادة الوطنية والقومية.

جعجع القاتل ولورد الحرب الذي ولغ في دماء الفلسطينيين وخصوصا اللبنانيين والسوريين يرى لنفسه الحق في المنافسة وليس في ماضيه ما يدينه او يجلب له العار ما دام خرج بعفو «سياسي» ضرب عرض الحائط بالقضاء اللبناني وأحاله الى مسخرة او دمية، ما دام أمراء الحرب قد توافقوا على تبييض «صفحته» في العام 2005 بعد ان نجح المخططون وتجار الحروب والمهربون والسماسرة واجهزة الاستخبارات الاقليمية والدولية في «إعدام» رفيق الحريري وفتح المزاد على مَنْ يريد لبس قميصه ان يرتديه، مقابل شيطنة سوريا وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية او قل محور الشر، والدعوة الى اخراج الجيش السوري من لبنان على وقع شعار ثورة الارز الذي صممته كوندليزا رايس (وما ادراك ما كوندليزا رايس وساندويشات سفارتها في عوكر، فيما طائراتها f15 و f16 تدك الضاحية الجنوبية وتدمر البنى التحتية والجسور، وتحتل ثكنات الجيش اللبناني في مرجعيون.

ليس في العالم كافة ما يمكن وصفه بالحرية «المطلقة» لأي «مواطن» اي ينافس على أي منصب, بل ثمة شروط يجب أن تتوفر في مَنْ يشغل اي موقع، صغرت مكانته أو كبرت, بدءاً بالوظيفة العمومية وليس انتهاء بأرفع منصب وخصوصاً الذي يسمى في العرف المدني بـ»المواطن الاول», أي رئيس الدولة، وكل هذه المناصب تشترط أن تكون «صفحة» صاحبها بيضاء أي انه في حاجة الى «عدم محكومية»، فهل سمير جعجع من هذه.. القماشة؟

أسألوا سعد الحريري الذي يزعم أنه ممثل الاغلبية السنية, تلك الطائفة العروبية الكريمة التي لم تحمل السلاح يوماً في مواجهة خصومها منذ أن انحازت لفكرة العروبة ورأت في المشروع الناصري والانتماء القومي خلاصاً للبنان، الى أن اخذتها الحقبة الحريرية (الاب والابن) الى فضاء نقيض، يتحالف فيه مع انعزالي وقاتل من طراز جعجع وبقايا الكتائب والشمعونيين وعملاء اسرائيل..

الوقت لم يفت بعد لتوجيه صفعة لمجرم الحرب هذا وإفهامه أن الوصول الى قصر بعبدا ليس سهلاً فقط لأنه «ماروني»، بل يجب أن يكون وطنياً وبغير دم ثقيل وكثيف وغزير على.. اليدين.

عن الرأي الاردنية